إنها لحظة تاريخية للصحة العامة في موريتانيا. على هامش الدورة 78 لجمعية الصحة العالمية، سلمت منظمة الصحة العالمية رسميًا لبلادنا شهادة القضاء على التراخوما كمشكلة صحية عامة. هذا الإنجاز تحقق دون تمويل خارجي، وهو ثمرة نموذج غير مسبوق للشراكة بين القطاعين العام والخاص.
تم تسليم الشهادة لوزير الصحة، السيد عبد الله سيدي محمد وديه، من قبل المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس، خلال حفل رسمي في جنيف. وبهذه المناسبة، أشاد الوزير بـ"مكسب كبير" تحقق بفضل "إرادة سياسية راسخة وتعاون نموذجي" بين مختلف الفاعلين في القطاع الصحي الوطني.
من بين هؤلاء، تبرز مؤسسة بوعماتو بوصفها فاعلًا رئيسيًا في هذا النجاح. فمن خلال شراكتها مع البرنامج الوطني لمكافحة العمى (PNLC) والمبادرة الدولية للقضاء على التراخوما (ITI)، نفذ مستشفى طب العيون التابع للمؤسسة عملًا ميدانيًا واسع النطاق شمل 19 مقاطعة (مقاطعة إدارية) في أنحاء البلاد، لاسيما في ولايات آدرار وتكانت والبراكنة وترازة وكوركول والحوض الغربي ولعصابة.
وعلى مدى أكثر من 11 عامًا، قامت الفرق الطبية بإعطاء 2.8 مليون جرعة من Zitromax، وهو مضاد حيوي رئيسي في مكافحة المرض. وقد تجاوز معدل التغطية في الحملات 85٪ في كل تدخل، بحسب الأستاذ عبد الله ولد منيه، منسق البرنامج الوطني لمكافحة العمى.
فبينما كانت معدلات الإصابة بالتراخوما في مطلع الألفية تتجاوز 17٪ لدى الأطفال، أصبح هذا المرض العيني المُسبب للإعاقة اليوم غير موجود في الأراضي الموريتانية كمشكلة صحة عامة – وهو الأول من نوعه في المنطقة، وقد تحقق دون اللجوء إلى دعم مالي خارجي. وقال الوزير وديه: "إنها انتصار لنظامنا الصحي، ولكن أيضًا لنموذج التعاون بين المؤسسات الوطنية".
وترى مؤسسة بوعماتو، التي انخرطت منذ وقت طويل في مكافحة العمى، في هذا الاعتراف تتويجًا جديدًا. وهي تجسد الآن مثالًا على العمل الخيري الطبي الفعال، القادر على سد ثغرات السياسات العامة مع الالتزام بالمعايير الدولية.
وهكذا تنضم موريتانيا إلى دائرة ضيقة من الدول الإفريقية التي نجحت في القضاء على التراخوما، وتصبح نموذجًا إقليميًا. وقد عبرت الحكومة عن استعدادها لتقاسم هذه التجربة مع دول إفريقية أخرى ضمن الهدف المشترك لإفريقيا خالية من التراخوما.