
بسم الله الرحمن الرحيم
السادة الوزراء
السيد رئيس المحكمة العليا
السيد المدعي العام لدى المحكمة العليا
السادة قادة الأركان
السادة الوُلاَة
السادة وكلاء الجمهورية
السيدة رئيسة جهة نواكشوط
السيدة حاكم تفرغ زينة
السيد عمدة تفرغ زينة
السادة المدعوون الكرام
السادة الضباط وضباط الصف والوكلاء.
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته؛
نحتفل اليوم بالذكرى الأربعين لعيد الشرطة الوطنية، وإنها لعمري لذكرى تحمل تاريخا مليئا بالمعاني السامية، وصفحات خالدة من العمل والاتقان، اضطلعت فيها الشرطة الوطنية، بأداء الواجب النبيل على أكمل وجه في انسب الأوقات، واغتناما لهذه المناسبة السعيدة، واعتبارا لهذا الحدث المتميز، يطيب لي أن أتقدم بخالص التهاني واطيب الأمنيات إلى كافة أفراد الشرطة الوطنية ضباطا وضباط صف ووكلاء.
أيُّـــــــها السادةُ والسيدات؛
أيُّــــــها الضباط وضباط الصف والوكلاء؛
لم يعد يخفى على أحد، ما للأمن من قيمة عظيمة، وارتباط وثيق بخلافة الإنسان في الأرض، وتكريمه من دون المخلوقات، بملكة الطموح المبكر والتوق المشروع إلى تحقيق الاستقرار والازدهار والتنمية.
لقد انتقل الأمن عبر مقاربات عدة، من مجرد حالة شعورية بالسلام واحساس فطري بالطمأنينة، إلى مستويات تتجاوز في بعدها الأكاديمي الحيثيات التقليدية، التي شكلت الخيط الناظم بين الجريمة والعقاب من جهة، وبين الخوف والسكينة من جهة أخرى، ويبقى امتلاك الوسائل الكفيلة بمواجهة المخاطر والتهديدات، وتطوير الخطط والاستراتيجيات والسهر على تكوين الكوادر، وتحسين مهارات جميع الأفراد والعناصر، مما لا غنى عنه في هذا الصدد.
أيُّـــــــها السادةُ والسيدات؛
أيُّــــــها الضباط وضباط الصف والوكلاء؛
طبقا للتوجيهات النيرة لفخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، وضعت وزارة الداخلية وترقية اللامركزية والتنمية المحلية، استراتيجيات أمنية تهدف إلى حماية أمن الوطن والمواطن، والتصدي بكل حزم وصرامة لكل المخاطر والتهديدات، وعلى هذا الدرب القويم، وبهذه العزيمة والتصميم لن نألو جهدا من أجل بسط الأمن والاستقرار ونشر الطمأنينة والسلام بين كافة المواطنين والمقيمين على تراب وطننا العزيز.
تتنزل التدابير والإجراءات الأمنية التي تم اتخاذها على الحدود الوطنية، وفي الأرياف والطرق الرئيسية والفرعية، وداخل المدن والتجمعات الحضرية.
ومن هذه الإجراءات والتدابير، نذكر على سبيل المثال المقاربة الأمنية في الوسط الحضري والتجمعات السكانية الكبيرة، والتي ترتبط باحتياجات المواطنين الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، والثقافية، والبيئية للأمن السكاني داخل المدن، والتي تتمايز ساكنتها على أسس متنوعة ومعقدة، نظرا لطبيعة المدينة وتكوينها وتركيبها، حيث لم يعد بالإمكان اختزال الأمن الحضري للمدن في قمع الجريمة والحد منها، وإنما أصبح يتعلق بمفهوم معقد التركيب لارتباطه بمشاكل أخرى، من قبيل إشكالية توفير الخدمات الصحية والتعليمية، والبيئة الصحية، إضافة إلى بروز تحديات أخرى من بينها ظاهرة تعاطي المخدرات والإدمان، والهجرة النظامية، وغير النظامية، والتهريب والاتجار بالبشر، والاضطرابات، والتوترات، ونوعية التخطيط الحضري للمدينة، والبيئة العمرانية، والطرق، وحركة المرور، وأزمة المواصلات، وتضارب المصالح المتعلقة بتقاسم الفضاء والزمن في المدينة.
وفوق كل ذلك الخوف من غياب المساعدة والنجدة عند الحاجة، وعدم تقديم خدمات الحماية أو الدعم عند حدوث مشاكل من قبيل الكوارث الطبيعية، أو الحوادث الأمنية الخطيرة...
أيُّـــــــها السادةُ والسيدات؛
أيُّــــــها الضباط وضباط الصف والوكلاء؛
إن مقاربتنا الأمنية لمواجهة هذه التحديات لم تنبت من فراغ، بل كانت نتيجة حتمية لخطة محكمة، راعت توظيف التقنيات في أحدث تجلياتها، واستكناه البحث العلمي الأمنيي في أعلى مستوياته، وتمثل ذلك في:
- رقمنة مصالح الشرطة من خلال منظومة جمع البيانات الشرطية (Wapis) وربطها بأجهزة انفاذ القانون (الشرطة، الدرك، الجمارك، العدالة)، وقد انتهى العمل بربطها ب 62 محطة فرعية حتى الآن، منها 47 للشرطة، و11 للدرك الوطني، و04 للجمارك.
وستضمن هذه المنظومة بعد تفعيلها من خلال دخول الدليل التشغيلي لها في الخدمة مع بداية السنة، تعميم البيانات الشرطية واتاحتها لأجهزة انفاذ القانون، بشكل يضمن التنسيق الفعال، والاستجابة السريعة، لتلبية احتياجات البحث والتحري والتحقيقات القضائية، بتوفير خدمات الاستشارة، وإمكانية تغذية قاعدة البيانات، بالأشخاص المطلوبين والأسلحة والمركبات ووثائق الهوية الإدارية، والأغراض العامة المسروقة، والمفقودة أو المبلغ عنها.
ويجري العمل الآن على رقمنة أنشطة وخدمات الشرطة، من خلال منظومات وتطبيقات قيد الاستغلال، أو دخلت مراحل متقدمة من عمليات التطوير، منها:
- نظام أمن المرور وضبط المخالفات المرورية؛
- نظام تسجيل الدراجات النارية وملاكها وسائقيها؛
- نظام كشف الحمولة الزائدة للمركبات بالذكاء الصناعي؛
- نظام كشف عدم ارتداء حزام الأمان في الوسط الحضري بالذكاء الصناعي؛
- نظام اتصالات الشرطة؛
- نظام التعرف الآلي على مخالفات كسر الإشارة؛
- نظام التعرف الآلي على السير عكس الاتجاه؛
- نظام التعرف على استخدام الهاتف أثناء القيادة (قيد تجميع البيانات)؛
- نظام اللائحة الحمراء الذي يتعلق باللوحات المزورة؛
- نظام ضبط المخالفات البسيطة للشرطة؛
- نظام الإشعار عبر الرسائل النصية القصيرة؛
- نظام تسيير تراخيص الأسلحة؛
- نظام مقارنة ومطابقة الحمض النووي؛
- نظام الأرشيف الخاص؛
- نظام استقبال طلبات التأشيرة ومنحها؛
- نظام استقبال طلبات الإقامة ومنحهــا؛
- نظام تسيير المكتب المركزي لمكافحة تهريب المخدرات.
أيُّـــــــها السادةُ والسيدات؛
أيُّــــــها الضباط وضباط الصف والوكلاء؛
لن أختم هذه الكلمة، قبل التأكيد على إدراكنا التام بكل التحديات والاختلالات التي تواجهنا، وهو ما يدفعنا للسعي لخلق محيط إيجابي يسوده التقدير والاحترام، وتعتمد فيه التحفيزات، وتراعى فيه المعايير المهنية، طبقا للخطوات التالية:
- تصحيح المسارات المهنية وجعلها أكثر تحفيزا (المسابقات، التقدم، تكافؤ الفرص بين منتسبي القطاع ...)؛
- تحيين النصوص القانونية المنظمة للشرطة الوطنية لتعزيز (روح الانفتاح، والمشاركة، والمساءلة، والعدالة، تكريسا لمبدئ المكافأة والعقوبة)؛
- إعادة تنظيم مصالح الشرطة، وفق رؤية ترتبط بالاحتياجات الميدانية العملياتية (بقياس المردودية مع الوسائل الممنوحة، ضمان الفاعلية والكفاءة، سرعة الاستجابة، القدرة على التفاعل مع طلبات النجدة، تقديم خدمات الحماية والدعم عند الحاجة)؛
- تحسين بيئة العمل وجعلها أكثر دافعية وجاذبية (التكفل الصحي، التكفل المعيشي أثناء العمل، منح التحفيزات)؛
o مضاعفة المخصصات المالية للمصالح لتلبية الحاجيات العملياتية، وزيادة وقت وتوسيع نطاق عمليات الانتشار والتردد، وتكرار عمليات المرور للدوريات الليلية والنهارية المحمولة؛
- تعزيز الوسائل اللوجستية وربطها بالاحتياجات الميدانية العملياتية (سيارات خفيفة، دراجات نارية، ثنائية ورباعية العجلات، سيارات رباعية الدفع، باصات)؛
- تطوير أساليب العمل وتحديثها من خلال منهجيات عملية مكتوبة لتعزيز القدرات والأداء المهني (أسلوب العمل تبعا لمنهجيات عملية محددة وفق المعايير المهنية)؛
- العمل على خلق بيئة عمل تسمح بالتراكم المهني من خلال التكوين القاعدي النوعي، والتدريب المستمر والتكوينات المتخصصة (أكاديمية لتكوين وتدريب الضباط، ربط الترقيات بالكفاءة المهنية، الحصول على التكوينات النوعية والمتخصصة)؛
- العمل على تعزيز القدرة على مواجهة المخاطر والمواقف الصعبة والخطيرة (الإيمان بالهدف، تعزيز روح الانتماء والولاء)؛
- تفعيل آليات الرقابة الداخلية (لتعزيز منظومة القيادة والسيطرة، وبناء الثقة).
وفي الختام أجدد لكم الشكر والترحيب، قال تعالى " وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون" صدق الله العظيم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نواكشوط ، 18 دجمبر 2025