استعرضت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية ما قالت إنها محاضر 10 اجتماعات حضرها كبار قادة "حماس" قبل هجوم السابع من أكتوبر 2023، موضحة أنها حصلت عليها من الجيش الإسرائيلي الذي نسبها إلى الحركة الفلسطينية.
وتظهر الوثائق "المزعومة" تجنب حماس العديد من التصعيدات منذ عام 2021، بهدف خداع إسرائيل والإيحاء بأنه قد تم ردعها، بينما كانت تسعى للحصول على دعم إيران من أجل شن هجوم كبير.
بحسب الوثائق التي عرضتها الصحيفة، اجتمع زعيم المكتب السياسي للحركة يحيى السنوار مع كبار القادة، على مدى أكثر من عامين، للتخطيط لما كانوا يأملون أن يكون الهجوم الأكثر تدميراً وزعزعة للاستقرار في إسرائيل في تاريخ حماس الذي يمتد لأربعة عقود.
وادعى الجيش الإسرائيلي أن جنوده عثروا على محاضر الاجتماعات على جهاز كمبيوتر في أواخر يناير 2024، أثناء بحثهم عن مركز قيادة تابع للحركة داخل أنفاق في خان يونس جنوب غزة.
وكان من اللافت أن وسائل الإعلام الإسرائيلية بدت وكأنها لم تحصل على نسخة من "الوثائق المزعومة"، واكتفت بالإشارة إلى ما نشرته الصحف الأميركية، ما يثير تكهنات بشأن دقتها وحقيقة أنها خطوة إسرائيلية لتبرير الحرب الشرسة على قطاع غزة، والتي أسفرت عن سقوط أكثر من 42 ألف فلسطيني، فضلاً عن ترويجها لدور إيراني في هجوم 7 أكتوبر، في الوقت الذي يزيد فيه الحديث عن هجوم إسرائيلي وشيك على أهداف إيرانية، في إطار الرد على هجوم شنته إيران مطلع أكتوبر الجاري.
وتقول "نيويورك تايمز" إن محاضر الاجتماعات السرية توفر سجلاً مفصلاً للتخطيط لهجوم السابع من أكتوبر، وتظهر إصرار السنوار على إقناع حلفاء "حماس"، إيران و"حزب الله" اللبناني، بالانضمام إلى العملية، أو على الأقل الالتزام بخوض معركة أوسع مع إسرائيل، حال شنت الحركة هجوماً مفاجئاً عبر الحدود.
وتعتبر الصحيفة تلك الوثائق بمثابة "اختراق" في فهم ما كان يدور داخل الحركة، وتظهر جهوداً واسعة لخداع إسرائيل بشأن نواياها، بينما كانت تضع الأساس لهجوم جريء وإشعال صراع إقليمي كان يأمل السنوار بأن يتسبب في "انهيار" إسرائيل.
استراتيجية حماس
وتتضمن المحاضر 30 صفحة من التفاصيل التي تُعلن لأول مرة حول كيفية عمل قيادة "حماس" والاستعدادات التي تمت من أجل هجومها، إذ توضح الوثائق، التي قالت "نيويورك تايمز" إنها تحققت من صحتها، استراتيجيات قادة "حماس" وتقييماتهم الرئيسية.
حماس خططت في البداية لتنفيذ الهجوم، الذي أطلقت عليه الاسم الحركي "المشروع الكبير"، في خريف عام 2022، لكنها أجلت تنفيذ الخطة من أجل محاولة إقناع إيران و"حزب الله" بالمشاركة فيها.
عندما كانوا يُطلعون "حزب الله" على حججهم، قال قادة حماس إن "الوضع الداخلي" في إسرائيل كان من بين الأسباب التي جعلتهم مضطرين إلى التحرك نحو معركة استراتيجية. (في إشارة إلى الاضطرابات التي تسببت فيها خطط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المثيرة للجدل بشأن ما يسميه "إصلاح القضاء").
في يوليو 2023، أرسلت "حماس" مسؤولاً رفيع المستوى إلى لبنان، حيث التقى قائداً إيرانياً كبيراً وطلب المساعدة في ضرب مواقع حساسة ببداية الهجوم.
القائد الإيراني الكبير أبلغ "حماس" أن طهران و"حزب الله" يدعمان الخطة من حيث المبدأ، لكنهما يحتاجان إلى مزيد من الوقت للتحضير لها، لكن المحاضر لم تذكر تفاصيل الخطة التي قدمتها الحركة لحلفائها.
تشير الوثائق إلى أن "حماس" كانت تخطط لمناقشة الهجوم بشكل أكثر تفصيلاً في اجتماع لاحق مع الأمين العام لـ"حزب الله" آنذاك حسن نصر الله، لكنها لم توضح ما إذا كانت المناقشة تمت بالفعل أم لا.
شعرت "حماس" بالاطمئنان للدعم العام الذي وجدته لدى حلفائها، لكنها خلصت إلى أنها قد تحتاج إلى المضي قدماً في تنفيذ الخطة دون مشاركتهم بشكل كامل، وذلك جزئياً لمنع إسرائيل من نشر نظام دفاع جوي جديد متقدم في الفترة التي سبقت وقوع الهجوم.
بحسب الوثائق، كان قرار شن الهجوم متأثراً برغبة "حماس" في عرقلة الجهود الرامية إلى ترسيخ احتلال إسرائيل للضفة الغربية وجهود تل أبيب للسيطرة بشكل أكبر على ساحات المسجد الأقصى.
تجنبت "حماس" عمداً الدخول في مواجهات كبيرة مع إسرائيل لمدة عامين منذ عام 2021، من أجل تعظيم عنصر المفاجأة في هجوم السابع من أكتوبر، إذ كان القادة يرون أنه يجب أن يبقى العدو مقتنعاً بأن حماس في غزة تريد الهدوء.
تدعي الوثائق أن قادة "حماس" في القطاع قالوا إنهم اطلعوا زعيم المكتب السياسي للحركة في قطر آنذاك إسماعيل هنية على خطة "المشروع الكبير"، بينما لم يكن معروفاً من قبل ما إذا كان هنية، الذي اُغتيل في يوليو، قد تم إطلاعه على الهجوم قبل وقوعه أم لا.
وقالت الصحيفة إن الوثائق توفر سياقاً أكبر لواحدة من اللحظات الأكثر أهمية في تاريخ الشرق الأوسط الحديث، إذ تُظهر أن الهجوم كان تتويجاً لخطة استمرت على مدى سنوات، بالإضافة إلى كونه خطوة تشكلت جزئياً من خلال أحداث محددة تمت بعد عودة نتنياهو إلى السُلطة في إسرائيل في أواخر 2022.
وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن مدى عِلم إيران و"حزب الله" بخطط حماس الأولية كان واحداً من الألغاز المستمرة المتعلقة بهجوم السابع من أكتوبر، لكنها أضافت أن المرشد الإيراني علي خامنئي نفى، علناً، أن تكون طهران لعبت أي دور في الهجوم، كما تحدث مسؤولون أميركيون عن معلومات استخباراتية أظهرت أن كبار القادة الإيرانيين فوجؤوا به، الأمر الذي أثار الشكوك حول دور طهران المباشر في التخطيط.
ومع ذلك، تحدث قادة "حماس" على نطاق واسع عن الدعم الذي تلقوه من حلفائهم الإقليميين، كما كانت هناك تقارير مختلفة، ومتضاربة في بعض الأحيان، تفيد بأن مسؤولي إيران و"حزب الله" ساعدوا في التخطيط للهجوم وتدريب المقاتلين.
وقامت "نيويورك تايمز" بتقييم مدى مصداقية الوثائق من خلال مشاركة بعض مضمونها مع أعضاء في حماس وخبراء مقربين منها، ناقلة عن صلاح الدين العواودة، وهو عضو في الحركة ومقاتل سابق في جناحها العسكري وهو الآن محلل مقيم في إسطنبول، قوله إنه "كان على دراية ببعض التفاصيل المذكورة في الوثائق".
وأشار إلى أن فكرة الاحتفاظ بالملاحظات بشكل منظم تتماشى مع ممارسات الحركة، كما أكد محلل فلسطيني مطلع على آليات "حماس" الداخلية، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، بعض التفاصيل الواردة في الوثائق.
فشل استخباراتي
وخلص الجيش الإسرائيلي، في تقرير داخلي منفصل حصلت عليه "نيويورك تايمز" أيضاً، إلى أن الوثائق حقيقية، معتبراً أنها تمثل "فشلاً" آخر من جانب مسؤولي الاستخبارات في منع وقوع هجوم السابع من أكتوبر.
وأدى اكتشاف هذه الوثائق إلى تبادل الاتهامات بين أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، كما تساءلت عملية المراجعة العسكرية الداخلية للوثائق عن سبب فشل جواسيس إسرائيل في الحصول عليها قبل أن تشن "حماس" هجومها أو حتى معرفة الاستراتيجيات المذكورة فيها، بحسب الصحيفة.
قدم رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) أهارون حاليفا استقالته إلى رئيس الأركان هيرتسي هاليفي، الاثنين، بحسب ما أكده متحدث باسم الجيش الإسرائيلي.
ورغم حصول تل أبيب على الخطط قبل هجوم السابع من أكتوبر، فإن القادة الإسرائيليين تجاهلوا مراراً فكرة قدرة "حماس" لتنفيذها بشكل فوري.
من جانبه، رفض الجيش الإسرائيلي الرد على طلب الصحيفة الحصول على تعليق، كما لم تستجب حماس أو حزب الله لطلبات التعليق أيضاً، فيما نفت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة التفاصيل الواردة في "الوثائق المزعومة".
وقالت بعثة إيران، في بيان، إن "كل التخطيطات وعمليات اتخاذ القرار والتوجيه تم تنفيذها من قبل الجناح العسكري لحماس في غزة، وأي ادعاء يحاول ربط الأمر بإيران أو حزب الله، بشكل جزئي أو كلي، يفتقر إلى المصداقية ويأتي من وثائق ملفقة".
التحدث بالرموز
وورد ذكر الهجوم لأول مرة، بحسب الوثائق، في يناير 2022، إذ تُظهر المحاضر أن قادة حماس ناقشوا حينها الحاجة إلى تجنب الانجرار إلى مناوشات صغيرة للتركيز على "المشروع الكبير".
ووجد ضباط الاستخبارات الإسرائيليون أن قادة "حماس" استخدموا نفس العبارة مراراً في سياقات مشابهة، لكنهم لم يفهموا معناها حتى قرأوا الوثائق بعد الهجوم، وفقاً لما نقلته الصحيفة عن مسؤولين إسرائيليين مطلعين على معلومات أجهزة الاستخبارات بشأن قادة "حماس".
ولم توفر الوثائق قائمة واضحة بكل الأشخاص الذين شاركوا في الاجتماعات، لكنها تشير إلى أن السنوار حضر جميع المناقشات، بينما شارك نائبه في 3 منها على الأقل، كما تمت الإشارة إلى حضور العديد من القادة العسكريين في الحركة، وتم ذكرهم بأسمائهم الحركية فقط.
ووفقاً لعدة مسؤولين إسرائيليين وتقييمات الجيش الإسرائيلي للوثائق، استنتج محللو الاستخبارات الإسرائيلية أن كبار القادة العسكريين في "حماس"، وهم محمد الضيف ومروان عيسى ومحمد السنوار، كانوا من بين المذكورين بأسماء حركية في محاضر الاجتماعات.
وخلال اجتماع في ابريل 2022، احتفل قادة الحركة بتجاوز الفترة الأكثر توتراً من شهر رمضان دون تصعيد كبير، ما ساعد "حماس" على إخفاء نواياها وتمويه الفكرة الكبيرة، كما تحدثوا عن ضرورة الحفاظ على الذخيرة وتنفيذ عملية تمويه وخداع كبيرة ومقنعة.
وفي يونيو 2022، ذكر قادة الحركة أن العملية تستمر في اكتساب الزخم، إذ لاحظوا أن "حماس" تجنبت الصدام مع إسرائيل بعد أن نظم قوميون متطرفون يهود مسيرة استفزازية عبر البلدة القديمة في القدس في أواخر مايو من ذلك العام، ما عزز انطباعاً خاطئاً بأن "حماس" لم تعد تسعى إلى خوض مواجهة كبيرة.
وفي هذه المرحلة، كانت الاستعدادات للهجوم على بُعد شهر تقريباً من الاكتمال، وفقاً لمحاضر اجتماعات يونيو 2022، وتضمنت الخطط استهداف 46 موقعاً تتواجد فيه قوات حرس الحدود التابعة للجيش الإسرائيلي، ثم استهداف قاعدة جوية كبيرة ومركز استخباراتي في جنوب إسرائيل، بالإضافة إلى مدن وقرى.
و قال القادة، في الاجتماعات، إنه سيكون من الأسهل استهداف تلك المناطق السكنية، إذا تمت السيطرة على القواعد العسكرية أولاً، وهو التوقع الذي قالت الصحيفة إنه ثبتت صحته في 7 أكتوبر.
وأضافت الصحيفة أن هذه الخطط العسكرية كانت نسخة مُبسَطة ومُعدَلة قليلاً من الخطة الأكثر تفصيلاً التي علمت بها إسرائيل في عام 2022، لكنها تجاهلتها.
وفي خطوة اعتبرتها "نيويورك تايمز" علامة على مدى سرية الإعداد للهجوم، قرر السنوار ورجاله المقربون أنه يجب أن تظل الخطط سرية عن العديد من مقاتلي الحركة من ذوي الرتب الأدنى حتى عدة ساعات قبل الهجوم، وفقاً لمحضر اجتماع في يونيو 2022.
وفي الاجتماع نفسه، ناقش السنوار أيضاً، بشكل موجز، كيف أن شن هجوم كبير على إسرائيل من المرجح أن يتطلب تضحيات، على ما يبدو من السكان العاديين في غزة، وقالت الصحيفة إن هذه كانت المرة الأولى والوحيدة التي تمت فيها الإشارة إلى المعاناة التي قد يتعرض لها المدنيون الفلسطينيون في محاضر الاجتماعات، مضيفة أنه منذ هجوم 7 أكتوبر، أقر بعض قادة الحركة بأن الحرب الإسرائيلية تسببت في دمار هائل، لكنهم قالوا إنه كان "ثمناً" يجب على الفلسطينيين دفعه من أجل الحرية.
وفي سبتمبر 2022، بدت قيادة الحركة مستعدة لبدء الهجوم في غضون شهر، خلال الأعياد اليهودية، واستعرض السنوار حينها أحدث الخطط الخاصة بالمعركة، لكن الوثائق لم توضح سبب تأجيل الهجوم، لكن الحديث تكرر عن الجهود التي تبذلها قيادة الحركة لحشد دعم من إيران وحزب الله للعملية.
مغازلة الحلفاء
وفي ديسمبر 2022، تولت حكومة يمينية جديدة الحكم في إسرائيل، ما أعاد بنيامين نتنياهو إلى السلطة مرة أخرى، وأشار قادة حماس في اجتماع عُقِد بالشهر التالي إلى أنهم بحاجة إلى الوقت لتقييم سلوك هذه الحكومة، قائلين إن إيتمار بن جفير، الوزير اليميني المعروف بأفعاله الاستفزازية تجاه الفلسطينيين، قام بالفعل بجولة مثيرة للجدل داخل المسجد الأقصى.
وتوقع القادة أن تصرفات الحكومة الإسرائيلية "ستساعدهم في التقدم نحو المشروع الكبير" من خلال جذب انتباه حلفاء حماس وتعزيز الدعم لهجومهم.
وفي اجتماع آخر في مايو 2023، أعرب السنوار وزملاؤه عن ارتياحهم لتجاوز شهر رمضان آخر دون الانجرار إلى مواجهات صغيرة مع إسرائيل، وذلك على الرغم من التوترات التي جرت في ذلك الوقت في ساحات المسجد الأقصى، والتصعيد الذي لم يدم طويلاً بين تل أبيب وحركة "الجهاد الإسلامي".
ومرة أخرى، بدا أنهم مستعدون لوضع اللمسات الأخيرة على خطط الهجوم، وفقاً لمحاضر الاجتماعات، إذ ناقش قادة "حماس" ما إذا كان يجب بدء الهجوم في 25 سبتمبر من ذلك العام، أثناء احتفال الإسرائيليين بـ "يوم الغفران"، العيد الأكثر قداسة في التقويم اليهودي، أو في 7 أكتوبر، الذي تزامن في ذلك العام مع العيد اليهودي "سيمحات توراة" (عيد الفرح بنزول التوراة)، وأكد القادة حينها على أهمية تجنب أي تصعيد كبير مع تل أبيب قد يعيق استعداداتهم النهائية لشن الهجوم.
وجاء في محضر هذا الاجتماع: "نحتاج إلى السيطرة على سلوك الجهاد الإسلامي والفصائل الأخرى حتى لا نتعرض لاستفزازات قد تُفسِد مشروعنا"، فضلاً عن أن حركة "حماس" كانت تحاول إيصال الانطباع بأن "غزة تريد الحياة والنمو الاقتصادي".
وفي نفس الاجتماع، قال القادة إنهم يريدون تنفيذ الهجوم بحلول نهاية عام 2023، لأن إسرائيل أعلنت أنها تطور نوعاً جديداً من الليزر يمكنه تدمير صواريخ "حماس" بكفاءة أكبر من نظام الدفاع الجوي المُستخدم في ذلك الوقت.
وجاء بمحضر اجتماع في أغسطس 2023، أن نائب السنوار، خليل الحية، ناقش الخطة في الشهر السابق مع القائد الإيراني البارز بالحرس الثوري الإيراني محمد سعيد إيزادي، الذي كان مقيماً في لبنان، وأشرف على علاقات طهران مع الجماعات الفلسطينية، وذكرت تلك المحاضر أيضاً أن الحية كان يعتزم مناقشتها في ذلك الوقت مع نصر الله، لكن تم تأجيل الاجتماع مع الأخير، ولم توضح وثائق الاجتماعات اللاحقة ما إذا كان الحية تمكن في النهاية من تقديم هذه الحجة إليه بشكل شخصي أم لا.
وعلى الرغم من اعتراف مسؤولين من "حماس" وإيران سابقاً بوجود مستوى من التنسيق قبل الهجوم، فإن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها ذكر مدى الاتصالات التي جرت بينهم، بحسب الصحيفة.
وقالت "نيويورك تايمز" إن محاضر الاجتماعات تدحض التقارير التي تحدثت عن وجود انقسام بين قيادة "حماس" في غزة وزعيم مكتبها السياسي المقيم في قطر في ذلك الوقت، إسماعيل هنية.
وتُظهر المحاضر أن قادة الحركة في القطاع شاركوا معلومات حساسة معه، وأطلعوه على خطة "المشروع الكبير"، وقرروا أنه من بين كافة قيادات حماس في الخارج، يجب أن يكون هو الوحيد الذي يتم إبلاغه بالاجتماعات التي كان الحية يأمل في عقدها مع "حزب الله" وإيران.
ويشير محضر اجتماع أغسطس 2023، وهي الوثيقة الأخيرة التي اطلعت عليها "نيويورك تايمز"، إلى أن الحية أخبر القائد الإيراني إيزادي أن "حماس ستحتاج إلى المساعدة في ضرب مواقع حساسة خلال الساعة الأولى من الهجوم".
وبحسب الوثيقة، فإن إيزادي قال إن "إيران وحزب الله يرحبان بالخطة من حيث المبدأ، لكنهما يحتاجان إلى الوقت لتهيئة الظروف لها".
ونتيجة لذلك، شعر قادة "حماس" بالتفاؤل بأن حلفائهم لن يتركونهم "مكشوفين"، لكنهم تقبلوا فكرة أنه قد يتعين عليهم تنفيذ الهجوم بمفردهم.
وقالت الصحيفة إن إيران، في النهاية، لم تضرب إسرائيل بشكل مباشر إلا بعد أشهر من هجوم "حماس"، كما لم يتحرك "حزب الله" للمساعدة إلا في الثامن من أكتوبر، بعد أن بدأت إسرائيل في استعادة السيطرة على حدودها، إلا أن "حزب الله" واصل تشتيت انتباه الجيش الإسرائيلي عن غزة بإطلاق الصواريخ على تل أبيب.
ورأت "نيويورك تايمز" أن حماس كانت أكثر نجاحاً في جهودها لخداع إسرائيل، موضحة أنه في الساعات الأولى من 7 أكتوبر، رصد ضباط الاستخبارات الإسرائيلية قيام مقاتلي "حماس" بمناورة غير عادية، لكنهم قللوا من أهمية الأمر، وخلصوا إلى أنها كانت مجرد مناورات تدريبية أو مناورات للدفاع.
ووفقاً للصحيفة، فإنه جاء في مذكرة سرية للغاية تم تداولها بين ضباط الاستخبارات الإسرائيلية في الساعة 3:17 من صباح ذلك اليوم: "نقدر بأن حماس ليست مهتمة بالتصعيد أو الدخول في مواجهة في الوقت الحالي"، لكن بعد 3 ساعات فقط بدأ هجوم السابع من أكتوبر.