١- عموميات
من السلع اللا-مادية ما تزداد قيمته، عندما نتقاسمه مع الآخرين ؛ فتقاسمنا (شفهيا أو كتابيا) لانطباعاتنا بخصوص كتاب قرأناه، يعزز فهمنا لمحتوى هذا الكاتب ولا ينقصه بحرف وقد يشجع بعض القراء، وهذا هو الأهم، على مطالعة هذا الكتاب أو مطالعة كتاب آخر أو اجتياز “روبيكون” الكتابة… لهذه الاعتبارات، غالبا ما أكتب ما جادت به ذاكرتي من انطباعات وملاحظات، مباشرة بعد الانتهاء من قراءة كتاب ما، دون اعتماد منهجية محددة…
على صعيد آخر، لدي قناعة راسخة بأن تطور المجتمعات البشرية بطيئ إلى حد تتيح فيه قراءة الأعمال الأدبية المرجعية، مهما كان قدمها وبغض النظر عن سياقها الثقافي، تسليط ضوء فاحص على الماضي والحاضر في آن واحد، ليس فقط بالنسبة للمجتمعات المعنية ومحيطها المباشر، بل أبعد من ذلك أحيانا ؛ فالثابت لدى هذه المجتمعات يغلب المتغير، والمشترك معها ليس بالضرورة فارغا بالمطلق. فقراءة نص مرجعي أونصين بخصوص ثقافة معينة، قد تكون كافية إذا، لاكتساب معرفة مقبولة بمقومات هذه الثقافة وهواجسها، وبذلك ندخر وقتا وجهدا ثمينين، في عصر الصخب الدعائي الإعلامي وتضخم التأليف الأيديولوجي…
لقد قررت، منذ بعض الوقت، قراءة رواية “الإخوة كارامازوف” لكاتبها “فيودور دوستويفسكي” ؛ من أجل ذلك، اقتنيت الجزء الثاني من هذه الرواية خلال زيارة لمعرض للكتب القديمة، إلا أنني لم أستسغ قراءة هذا الجزء قبل قراءة الجزء الأول الذي تعذر علي الحصول عليه وقتها. تذكرت مؤخرا هذا المشروع المؤجل، فوجهت طلبا إلى أحد المقربين للحصول على الجزء المذكور، فتفضل علي بترجمة جديدة للرواية المشهورة في مجلد واحد. شرعت في قراءة هذا المجلد إلى أن وصلت بداية “الجزء الثاني” الذي تابعت قراءة النص من خلاله، وذلك للاستفادة من ترجمتين مختلفتين لهذه الرائعة الأدبية. ورغم عدم “التقاطع” بين “القراءتين”، فقد لاحظت جزالة لغوية نسبية للترجمة الثانية مقارنة بالأولى، إضافة إلى تعقيد في الأسلوب واختلاف في كتابة أسماء العلم وفرق في …نوعية الورق لصالح الترجمة القديمة.
٢- منوال الرواية
خلال السنوات الأولى من الربع الأخير من القرن التاسع عشر الميلادي، وفي خضم الغليان الفكري والاجتماعي في القارة الأوروبية، عاش “فيودور بافلوفيتش” الذي كان ينتمي إلى طبقة النبلاء الميسورين نسبيا، حياة مضطربة جدا، فشكل بذلك “نقيض البطل” بكل المقاييس ؛ أنجب الرجل ثلاثة أولاد وتبنى رابعا (“الإخوة كارامازوف”). بدقة الرسام الموهوب ومن خلال تفاصيل الحياة اليومية لأفراد هذه العائلة وعبر غوص متكرر في أعماق “الوجدان الروسي”، مع إحالات دورية، من بين كتاب آخرين، إلى الطبيب (والكاتب) الألماني “شيلر” و الروائية الفرنسية “ساند” والشاعر الروسي “بوشكين”، يبدع “دوستويفيسكي” لوحة واقعية عن المجتمع الروسي وقتها، بمعتقده المسيحي الأورتودوكسي وطبقيته المتجذرة وعاداته التليدة وفنونه الجميلة وخرافاته المبكية-المضحكة وأحكامه المسبقة على الفضاءات الحضارية من حوله، وعلى رأسها الفضاء العربي-الإسلامي. ويمكن اعتبار نهاية القصة رواية مكتملة الأركان، تعنى بالتحقيق القضائي حول ملابسات اغتيال “فيودور بافلوفيتش”.
٣- صعوبة القراءة
تشكل قراءة “الإخوة كارامازوف” تحديا ذهنيا حقيقيا، فالكاتب يتدخل من وقت لآخر (بصفته) في السرد للتذكير بحدث بعينه أو تبرير عدم التطرق إلى بعض الجزئيات أو تعليل لبس مفترض، وأحيانا لسبب غامض (!)، مما يوهم القارئ بمتابعة نقل حي ومباشر لأحداث واقعية. ومما يزيد القراءة صعوبة، ميول الكاتب إلى الاستطرادات الطويلة أحيانا، إلى حد يفقد السرد “خطيته” ويحوله إلى شبه متاهة يصعب معها تلمس الخط الناظم للقصة، لتتضح براعة الهندسة النصية فقط بعد قراءة آخر جملة من الرواية… يسمي الكاتب بعض شخصيات الرواية، بألقاب مختلفة، فمثلا “آلكسيي” و “فيودوروفيتش” و”آليوشا” و”كارامازوف” تطلق على نفس الشخصية في الرواية، حسب السياق ؛ الشيء الذي يفرض على القارئ أن يتعلم بسرعة الألقاب المختلفة لكل “شخصية”، تحت طائلة التيه بحثا عن أصحابها ؛ ولعل تعدد الألقاب هذا، سمة من سمات الثقافة الروسية.
وكما لو لم تكن كل هذه الصعوبات كافية، فقد قررت، كما ورد سلفا، أن أطل على محتوى هذه الرواية من نافذتين مختلفتين شكلا.
٤- عن المحتوى
من الصعوبة بمكان الإحاطة الدنيا بعمل أدبي بحجم “الإخوة كارامازوف”، وتتحول هذه الصعوبة إلى استحالة بالنسبة لهواة فن الرواية ؛ “على درب التحديات”، سأحاول إيصال بعض ما انطبع في مخيلتي بخصوص هذا النص البديع، إلى القارئ الموريتاني.
يغلب النقد الاجتماعي اللاذع على كل النص (العنف المنزلي، تشرد الأطفال، تعاطي الكحول، الغش المستشري، شيوع الرشوة، الظلم في حق الضعفاء، الاستلاب الثقافي، انتشار البؤس المادي والمعنوي، إلخ.)، إلا أن بعض الأدوار وجودة السرد ومصداقيته وحياءه (غير المتوقع!)، تضفي مجتمعة لبوس أمل على هذا المشهد البشري المزري، مما يجعل القارئ يترقب الخلاص منه بعد أول فاصلة موالية في النص. قد يتفاجأ بعض أهل الاختصاص من مسحة التفاؤل والحياء تلك لدى “دوستويفيسكي”، إلا أن استحضار الأدوار الرئيسية لشخصيات مثل “استارتس سوزيم” و”آلكسي كارامازوف” والخالة الثرية في “موسكو” وغيرهم، تذكر القارئ على الدوام بأن فجر الأمل قادر، في أي وقت، على تبديد أحلك ظلمات التشاؤم واليأس. أما الحياء فيتجلى في خلو رواية “الإخوة كارامازوف” من مشاهد بعينها وميول الكاتب إلى تفادي الخوض في المآلات النهائية لبعض الأحداث العنيفة أوالقضائية، إلخ.، عندما تصبح هذه المآلات شبه حتمية، وبذلك تتخلل النص “هوامش” لمشاركة القارئ في “تحرير” الرواية على مقاس مخيلته وخلفيته الثقافية وعصره. ومن اللافت، في هذا المضمار، أن أحداثا وأسماء بعض المدن في الرواية، تكاد تزيح التربة عن الجذور الدفينة للمأساة التي تدور رحاها حاليا في شرق أوروبا.
يتطرق الكاتب إلى الصور النمطية والأحكام المسبقة في الثقافة الروسية يومها، فيتحدث مثلا عن نموذج “الناسك الحقيقي”، وهو ذلك الذي يتعبد وحيدا في الصحراء القاحلة، فتتحول الحجارة من حوله إلى قطع خبز ؛ ويناقش الحكم، من المنظور الأورتودوكسي، بالنسبة لفارس روسي أمسك به “المحمديون” (حسب عبارة الرواية) في وسط آسيا، فخيروه بين القتل أو خلع رمزه الديني ؛ ويصف قسوة “الأتراك” (المفترضة) على رضيع بولغاري في أحضان أمه ؛ ويسخر من مهارة “البولنديين” (المفترضة) في الغش، خاصة عند مزاولة الألعاب الورقية ؛ ويبدي إعجابا واضحا بالحركة الفكرية المتسارعة آنذاك في أوروبا الغربية، وبلغاتها، حيث يورد عبارات بهذه اللغات، دون ترجمتها.
بخصوص المحتوى، أشير أخيرا إلى أنني شعرت أكثر من مرة بالملل حيال خوض الكاتب في نقاشات “بيزنطية”، يصعب حسمها جدلا.
المبارزة (مقتطف بترجمة شخصية)
” (…) خلدت إلى النوم، واستيقظت، ثلاث ساعات بعد ذلك، والصبح قد أبلج. نهضت، دون نية العودة إلى النوم ؛ توجهت نحو النافذة اللتي تطل على الحديقة ؛ كانت الشمس قد أشرقت، الطقس رائع، الطيور تزقزق.
ما الذي يحدث؟ فكرت ؛ ينتابني ما يشبه الشعور بالعار والانحطاط. لعلها نيتي إراقة الدم؟ لا، ليس الأمر كذلك. هل أخشى الموت، أخشى أن أقتل؟ لا، أبدا، بعيدا من ذلك… لقد فهمت فجأة أنها اللكمات التي وجهت لآتاناز، ليلة قبل ذلك. عشت المشهد وكأنه يتكرر ؛ الطفل المسكين، واقف أمامي وأنا أضربه على الوجه من جناح إلى جناح، ويداه على خياطة بنطاله، رأسه مستقيم، عيناه مفتوحتان إلى أقصى حد، يرتجف عند كل ضربة، لايجرؤ ولو على رفع ذراعيه احتماء ! كيف لرجل أن يأول إلى وضع كهذا، تحت ضرب رجل آخر ! يا للإجرام ! كانت بمثابة إبرة تخز روحي. كنت كالأحمق، والشمس تسطع، الأوراق تسر النظر، الطيور تحمد ربها. غطيت وجهي بيدي وتمددت على السرير وأجهشت بكاء. (…) فجأة دخل صديقي، الملازم، الذي جاء لمرافقتي وهو يحمل مسدسات : ” هذا جيد، قال الرجل، لقداستيقظت، حان الوقت، لنمش. ” تشتت أفكاري، فقدت صوابي ؛ رغم ذلك خرجنا للصعود في السيارة. ” انتظرني، قلت، سأعود بعد قليل، لقد نسيت محفظة نقودي. ” عدت راكضا إلى المنزل، داخل غرفتي الصغيرة للتنظيم. ” آتاناز، لقد ضربتك أمس مرتين على الوجه، سامحني! ” ارتعش كما لو كان خائفا ؛ لاحظت أن ما قمت به ليس كاف فركعت عند قدميه طالبا إياه السماح. أبقاه الموقف غبيا. ” شرفكم… هل أستحق ؟…” بدأ يبكي مثلما فعلت قبل ذلك، يداه تغطيان وجهه، ثم التفت نحو النافذة، يهتز بكاء ؛ ركضت لألحق برفيقي، ثم غادرنا : ” هذا هو الفائز، صرخت صوبه، انظرني ! ” غمرني فرح عارم، كنت أضحك باستمرار، كنت أثرثر دون انقطاع، لا أذكر بخصوص ما ذا. نظر إلي الملازم : ” جيدا ! رفيق، أنت مقدام، أرى أنك ستشرف البزة. ” وصلنا المكان المحدد سلفا. أوقفوني ومنافسي متقابلين، في المكان المخصص لكل واحد منا، تفصل بينا إثنى عشر قدما، كان على منافسي أن يطلق النار أولا ؛ وقفت أمامه، مرحا، دون أن أرمش، نظرت إليه بعطف. أطلق النار، فجلف فقط خدي وأذني : “حمدا لله، قلت، لم تقتل رجلا ! ” في ما يتعلق بي، نظرت خلفي ورميت سلاحي في الهواء. ثم نظرت نحو منافسي : “سيدي، سامحوا رجلا شابا أحمق أهانكم ثم أجبركم على إطلاق النار عليه. أنتم أفضل مني عشر مرات، أنتم أعلى مني. أبلغوا الشخص الذي تحترمون أكثر من الجميع، كلماتي.” وبمجرد حديثي، صاح الثلاثة (المنافس والحكمان).
” لوسمحتم، إذا كنتم لم تكونوا تنوون القتال، فلم أزعجتموني، تدخل المنافس ؟
-بالأمس كنت لازلت غبيا، اليوم أصبحت أكثر عقلانية، أجبته بفرح.
-أصدقكم فيما يتعلق بالأمس، أما بخصوص اليوم، فمن الصعب تصديقكم، أضاف المنافس.
– أحسنتم، قلت له، وأنا أضرب يديّ على بعض، أتفق معكم في هذه، لقد استحقيتها !
– سيدي، هل تريدون إطلاق النار، نعم أم لا ؟
– لن أطلق النار، أطلقوا النار مرة أخرى إذا شئتم، لكن من الأفضل لكم أن لا تفعلوا. ”
صاح الشاهدان، خاصة شاهدي أنا : ” هل يجوز إلحاق العار بالكتيبة بطلب السماح في الميدان ؛ ليتني كنت أعلم ! ” خاطبت عندها الجميع، بنبرة جدية : ” سيداتي، هل هناك غرابة زائدة، في زمننا، في لقاء رجل يتوب من خطيئته ويعترف علنا بزلاته ؟
– لا، لكن ليس في الميدان، تدخل شاهدي.
– يا للغرابة ! لقد كان علي أن أعتذر فور قدومي هنا، قبل أن يطلق سيدي النار، لكي لا يقع في ذنب قاتل ؛ لكن عاداتنا عبثية إلى حد يجعل من المستحيل بالنسبة لي التصرف على هذا النحو، لأن كلماتي لن تكون ذات قيمة عنده، إلا إذا نطقتها بعد تعرضي لطلقه الناري من إثنى عشر قدما : قبل ذلك، كان سيعتبرني جبانا، غير جدير بأن يستمع إليه. سيداتي، صحت من أعماق قلبي، انظروا خلق الله : السماء صافية، الهواء نقي، العشب طري، الطيور تشدو في بيئة رائعة وبريئة ؛ نحن وحدنا الآثمون والأغبياء لا نفهم أن الحياة سعادة، وأنه بمجرد استيعابنا لذلك سنكتشف كل جمالها، عندها سنتعانق ونحن نبكي… ” أردت أن أواصل، لكني لم أستطع، خانني النفس، شعرت بسعادة لم أعرف مثلها بعد ذلك. ” هذه عبارات حكيمة وروحانية، أضاف منافسي ؛ على أية حال، أنتم استثناء.
– أنتم تتهكمون، قلت له مبتسما، ستثنون علي لاحقا. -أنا أثني عليكم ابتداء من الآن وأمد لكم يدي، لأنكم تبدون صادقا حقا.
– لا ليس الآن، لاحقا عندما أصبح أفضل وعندما أستحق احترامكم، ستمدونها إلي وتفعلون بذلك خيرا. ”
عدنا إلى البيت ؛ ظل شاهدي يتذمر، وأنا ألاطفه. اجتمع زملائي، يوم سماعهم الخبر، لمحاكمتي : ” لقد دنس البزة، فعليه أن يستقيل. ” كان هناك من يدافع عني : ” لكنه تعرض لطلق ناري.
– نعم، لكنه خاف من الآخرين وطلب السماح في الميدان.
– لو كان خائفا، رد المدافعون عني، لكان قد أطلق النار قبل طلب السماح، فقد رمى مسدسه في الغابة ؛ لا، لقد حدث أمر آخر، أصيل. ”
كنت أستمع، وأستمتع بمتابعتهم : ” أصدقائي وزملائي، لا تقلقوا بخصوص استقالتي، فقد تم تقديمها ؛ لقد أرسلتها هذا الصباح، وفور قبولها، سأترهب. ”
لهذه الكلمات، انفجر الجميع ضحكا : ” كان عليك أن تنذرنا ؛ الآن اتضح كل شيء، لا تجوز محاكمة ناسك.”
لم يتوقفوا عن الضحك، دون سخرية، بفرح لطيف ؛ تعاطف معي الجميع، بما فيهم ألد متهميّ ؛ بعدها، طوال الشهر الأخير، وحتى إحالتي إلى التقاعد، كنت أشعر وكأن الناس يحملونني على أعناقهم كالمنتصر : “ يا له من ناسك! “، كانوا يقولون. لدى كل أحد كلمة طيبة تجاهي، يحاول البعض ثنيي، وحتى أن هناك من يشفق علي : ” ماذاستفعل ؟
– لا، إنه شجاع، لقد تعرض لطلق ناري، وكان بوسعه أن يرد عليه، لكنه رأى في المنام، ليلة قبل ذلك، ما يحضه على أن يصبح ناسكا، فذلك مفتاح اللغز. ” (…)”
٥- ملاحظات هامشية
٥-١ في تأكيد لمقولة “كالفانو” المشهورة : “الكتاب الكلاسيكي لا ينتهي أبدا من البوح عما بداخله”، يمكن الربط بين عدد “الإخوة كارامازوف” الأربعة بطباعهم المتباينة، من جهة، والمراحل العمرية لدى الإنسان (وربما لدى الكاتب!)، من جهة أخرى، تماما كما يتم ربط مقامات المسيقى التقليدية الموريتانية بهذه المراحل العمرية ؛ ومنه يمكن استخلاص “تناظر” مجازي بين طباع “الإخوة كارامازوف”، من جهة، ومقامات الموسيقى الموريتانية، من جهة أخرى…
٥-٢ على صعيد آخر، ذكرني مقطع “المبارزة” أعلاه بقصة واقعية دأبت على سماعها، في منطقة “الحوظ” ؛ تروي هذه القصة حوارا شيقا وطريفا بين زعيم قبيلة معروفة، ذات شوكة حربية، وأحد أبناء عمومته (الذي كان قد قرر اعتزال السلاح وتبني نمط حياة قوامه العبادة والمسالمة والزهد). يتعلق الحوار المذكور بالتحضير لغارة انتقامية على قبيلة منافسة.
٥-٣ هناك مقاطع عديدة في هذه الرواية، تحيل بشكل منهجي إلى المشترك في إكراهات وتعقيد الحياة لدى الإنسان ؛ فالرواية الناجحة ل-“الظرف البشري” واحدة، وإن تعددت سياقاتها الثقافية ومفردات التعبير عنها…
٥-٤ زيادة على الشرعية الأدبية المبكرة، أضفى مرور الوقت، في اعتقادي، شرعية تراثية على رائعة “الإخوة كارامازوف” التي أحب من خلالها “دوستويفسكي” وطنه ؛ لقد “عاتب” شعبه ونخب هذا الشعب “على قدر ثقته” في مؤهلات هذا الشعب وهذه النخب لتصحيح الاختلالات البنيوية حينها، كسبا للرهانات المصيرية.
٥-٥ راودني أمل أن يكون “دوستويفيسكي” قد … “تكرم” على الفضاء العربي-الإسلامي المجاور لوطنه، بعنوان رائعته، “الإخوة كارامازوف” إلا أنه، وبعد بحث سريع، اتضح لي أن “دوستويفسكي” تأثر بأعمال الكاتب “نيكولاي كارامزين” ؛ فهناك إذا احتمال كبير في أن هذا العنوان تأكيد لذلك الإلهام واعتراف بالجميل لصاحبه.