لم يكن مساء يوم أمس الخميس وصباح اليوم الجمعة، عاديين بالنسبة للطبقة السياسية ورجال الأعمال في المغرب، فقد كان الجميع يترقب ما ستؤول إليه أولى فصول ملف "المالي" الرجل الذي يقضي عقوبة سجنية طويلة بسجن الجديدة بتهم تتعلق بالاتجار الدولي في المخدرات، لكنهُ جر معه إلى الهاوية أسماءً ثقيلة بلغت في المجمل 25 شخصا، تقررت متابعة 23 منهم في حالة اعتقال.
سعيد الناصري، النائب البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة، وزميله في الحزب عبد النبي بعيوي، رئيس مجلس جهة الشرق، أبرز وجهين قرر قاضي التحقيق بغرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، إحالتهما على سجن عكاشة بالدار البيضاء، بعد قراره متابعة 23 متهما في حالة اعتقال، استمر الاستماع إليهم طيلة الساعات الماضية.
وكان 25 شخصا قد أحيلوا على أنظار الوكيل العام للملك بالمحكمة ذاتها مساء أمس الخميس، قادمين من الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، ضمن التحقيقات التي تهم ملفا معقدا ومتشابكا، يتعلق بتاجر مخدرات يلقب بـ"المالي"، ليواجهوا جميعا تهما ثقيلة أبرزها الاتجار الدولي في المخدرات وتزوير وثائق رسمية وتبييض أموال، والتي ارتبطت أسماؤهم بها منذ حوالي 4 أشهر ونصف.
القصة التي كان من الواضح أنها ستأخذ مسارا قضائيا صارما، بالنظر لأنها أصبحت تتعلق بسمعة المغرب، بدأت على شكل مقال أقرب إلى البروفايل، نشرته مجلة "جون أفريك" الفرنسية بتاريخ 9 غشت 2023، حول شخص يدعى "الحاج أحمد بن إبراهيم"، والشهير بـ"المالي"، لكونه ابنا لزواج مختلط، فأمه مغربية وأبوه من مالي.
وإلى جانب هذا اللقب استحضر المقال ألقابا أخرى التصقت بـ"المالي"، لكن المجلة فضلت أن تصفه بـ"إيسكوبار الصحراء"، بسبب عمليات الاتجار في المخدرات الخطيرة والمتشعبة التي قام بها، قبل أن يقع في يد الشرطة المغربية سنة 2019، حيث اعتُقل في مطار الدار البيضاء، وأحيل على المحاكمة ثم السجن، ومن هذه اللحظة بدأت مساعيه لـ"الانتقام".
وتتحدث "جون أفريك" عن اقتناع المالي بأنه كان ضحية لـ"الخيانة" من طرف مجموعة من "شركائه" في عملياتهم الإجرامية، من بينهم الناصري وبعيوي، الذين كانوا يتعاونون معه في عمليات لنقل المخدرات من وجدة وزاكورة ومدن شمال المملكة، قبل أن ينصبوا له فخا أدى إلى اعتقاله، وتلا ذلك السطو على أمواله وعقاراته.
وكان المالي، وفق المقال ينقل المخدرات إلى مصر وليبيا شرقا وإلى موريتانيا غربا، عبر 3 أو 4 عمليات كبيرة سنويا، تحمل كميات تصل إلى 40 طنا.
وأشارت الصحيفة إلى أن المالي إبراهيم اعتقل سنة 2015 من قبل الدرك الموريتاني بأمر من الإنتربول بعد مطاردته في الصحراء الموريتانية على الحدود مع المغرب، في سيارة تحتوي على 3 أطنان من الكوكايين ومبالغ مالية كبيرة باليورو، ومعه مغربي وجندي سابق في البوليساريو، قبل أن يتم الإفراج عنه بفضل شبكته التي كانت تضم بعض الجنود والقضاة الموريتانيين، ثم تم اعتقاله مرة أخرى من قبل قوات الدرك، ليقضي أربع سنوات فقط داخل السجون الموريتانية بعد دفعه الكثير من المال.
لكنه أراد بعدها الانتقال إلى المغرب لاسترداد أمواله الموزعة لدى "شركائه" والاستفادة من ممتلكاته.
غير أن المالي، حسب اعتقاده، يرى أنه وقع في فخ شركائه، الذين أقنعوه بأن وضعه القانوني في المغرب سليم، ليحل بمطار محمد الخامس في الدار البيضاء، وهناك ألقي عليه القبض، وقبل ذلك كانت تنتظره تهمة تتعلق بـ40 طنا من القنب الهندي، جرى ضبطها داخل شاحنة منسوبة إليه، ويقول هو إنه باعها لبعيوي، إلا أن وثائقها ظلت تحمل اسمه.
ونقلت "جون أفريك"، عن "المالي"، تحت يافطة "مصادرها الخاص"، حديثه عن الاستيلاء على الكثير من أمواله، التي كانت في ذمة شركائه مقابل فوائد، بالإضافة إلى سلبه شقة في الدار البيضاء أخذها بعيوي، وفيلا في المدينة نفسها "استولى عليها" الناصري، وهو الأمر الذي دفعه إلى فضح الأمر وتقديم شكوى ضدهم حركت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية منذ يونيو الماضي.