يواجه الرئيس السابق ولد عبد العزيز قضايا جدية بدون إجابات مُرضية؛ فقد تم تقديم ملفات هامة تتضمن اتهامات خطيرة تُلاحقه أمام القضاء تتضمن اتهامات بالفساد وسوء الإدارة، وذلك بشأن أعمال التجديد التي أُجريت في منزله الثانوي على نفقة المواطنين، وسوق الأعمدة الشمسية المثيرة للجدل التي منحت لشركة صينية تدعى "جويسولار"، بالإضافة إلى بناء فندق خمس نجوم في العاصمة نواكشوط.
و منذ أن ترك ولد عبد العزيز منصبه الرئاسي في عام 2019، ارتفعت العديد من الأصوات مطالبة بإجراء تحقيقات شاملة في شبهات الفساد واستغلال النفوذ التي حدثت خلال فترة حكمه للبلاد، مما دفع السلطات إلى اتخاذ إجراءات قانونية لفحص هذه القضايا المعقدة والمثيرة للجدل.
و لعل من بين الملفات الأكثر جدلاً هو ملف الأعمال التي أُجريت في منزل الرئيس السابق و الذي تم تداول معلومات حول نفقات كبيرة تم تخصيصها له من أموال الشعب الموريتاني الذي يواجه بالفعل تحديات اقتصادية، و لا يمكن إزاء هذا الفعل فهم أو تبرير هذه النفقات الباذخة.
ملف آخر مثير للجدل هو ملف صفقة الأعمدة الشمسية الممنوحة لشركة صينية تدعى "جويسولار". تتردد حوله اتهامات بالمحسوبية والفساد الذي أحاط بهذا العقد، مما أثار تساؤلات حول شفافية ونزاهة عمليات المناقصة أثناء حكم الرئيس السابق. تم خلال جلسات المحاكمة تقديم شهادة محمد سالم ولد بشير وزير الطاقة والمعادن في حكومة ولد عبد العزيز ومدير عام الشركة الوطنية للكهرباء التي تدير توزيع الكهرباء في العاصمة ، يقول فيها أن ولد عبد العزيز أحضر له عقداً يطلب منه تمريره في المجلس وأنه لا يستطيع ذلك لأنه أتى على هذا المشروع وهو في مراحله الأولى في شركة سونيدر (بلجيكا) وقال لولد عبد العزيز أن هذا المشروع لا يمكن أن يكون لصالح الشركة الصينية وإلا وقعنا اتفاقاً معهم عندما كان أتفاقنا مع شركة سونيدر يجب أن نكون عادلين. بالإضافة إلى ذلك، تعرض بناء فندق خمس نجوم في نواكشوط للاستفسارات، حيث تم الإشتباه في تحويل الأموال والرشاوى المتعلقة بهذا المشروع العقاري، مما أثار المخاوف بشأن استخدام غير مشروع للموارد العامة في مشاريع شخصية. حيث أفاد الشاهد أحمد ولد بشير في المحكمة بأنه اكتشف أن الشركة الصينية المنفذة للمشروع لم تقم بإنجاز العمل بناءً على المبلغ الذي تم دفعه مسبقًا، مما أثار شكوكًا حول طبيعة العملية ومصداقية الصفقة.
من جهة أخرى، شهدت الجلسات الأولى للمحاكمة حضور الرئيس السابق ولد عبد العزيز الذي قدم بعض الردود غير المُرضية حيال التهم الموجهة إليه. يبدو أنه لا يزال يلجأ جزئيًا إلى المادة 93 من الدستور كدفاع.
يتابع الشعب الموريتاني هذه الإجراءات القضائية باهتمام، حيث يتوق لرؤية العدالة تنجز دورها بطريقة عادلة وشفافة. و تمثل هذه المحاكمة أهمية بالغة، حيث يتعين الكشف عن الجرائم المرتكبة من قبل رئيس سابق، وفي نفس الوقت تعزز سيادة القانون في البلاد.
في النهاية، تُمثل "محاكمة العشرية" في موريتانيا خطوة حاسمة نحو الديمقراطية وحكم القانون. إن إجراء هذه المحاكمة يُظهر أن لا أحد فوق القانون، حتى الرؤساء السابقين، وأن القضايا المتعلقة بالشفافية والمساءلة يجب معالجتها بجدية. يجب إقامة الحقيقة وتحقيق العدالة، لكي يتمكن البلد من التقدم قدمًا واستعادة ثقة الشعب في مؤسساته وقادته.