حزب الصواب يحتفي بذكرى ثورة 17ـ30 تموز | موريويب

حزب الصواب يحتفي بذكرى ثورة 17ـ30 تموز

ثلاثاء, 07/18/2023 - 10:12

نظم حزب الصواب، مساء اليوم في مقره المركزي بالعاصمة نواكشوط،  ندوة سياسية بعنوان:  "وعي مستمر في مواجهة التحديات"، احتفاء بالذكرى الـ:55 لثورة 17ـ 30تموز (يوليو) التي قادها حزب البعث العربي الإشتراكي عام 1968في العراق.

و تضمنت فعاليات الندوة التي حضرها جمهور غفير من مناضلي الحزب وبعض الشخصيات السياسية، كلمة للرئيس الدكتور عبد السلام ولد حرمه، و كلمة الإفتتاح ل: الأمين العام لحزب الصواب د محمد المختار محمد، إلى جانب مداخلات الحاضرين و فقرات أخرى أبرزها تحية السلام الجمهوري الموريتاني و العراقي

*كلمة الرئيس  د عبد السلام ولد حرمة في الندوة المنظمة بمناسبة ذكرى ثورة 17ـ30 تموز*

بسم الله الرحمن الرحيم

السادة الحضور الكرام

تمر ذكرى 17ثورة / 30  تموز المجيدة في ظرف يستدعي منا استلهام جذوتها وإرادة صانعيها وصدقهم إخلاصهم الثوري، وكيف تمكنوا خلال ظرف وجيز على هزيمة حزيران 1967 من استعادة الأمل بمشروع عربي ثوري أرسى قواعد العمل النهضوي  وصياغة الإنسان العصري القادر على خلق التنمية والإنتاج، المتحرر ذهنيا من قيود التبعية النفسية والمادية لخصومه، وإعداد الرجال وفق تصورات وأصول مبادئ رسالة الحزب الخالدة، وفكره الخلاق الذي انبثقت منه التجربة الحية على واحدة أهم الساحات القطرية في الوطن العربي، حين اجترحت لنفسها في زمن وجيز ديناميكيات التعلم والابتكار بالتركيز على وعي وكفاءة الإنسان وتفجير المواهب والرؤى المولدة لقيم التجدد والانبعاث لديه في مختلف الجوانب المتصلة بالعقل والاستنارة والفكر والثقافة والتعليم. 

نستلهم اليوم جزءا من معاني ثورة 17/ 30 تموز المجيدة بعد انقضاء عقدين من الاحتلال الإيراني الأمريكي المزدوج للعراق وتحالف القوى الغاشمة ضد  نظامه الوطني وفتح أوكار الفتنة الطائفية والمذهبية على مصراعيها داخل أراضيه وخارجه،  بعدما أجهزت عليها ثورة تموز وطارَدَتْها إلى جحور مظلمة خارج العراق، وشاهد العالم ثعابينها تَنْسل بعد احتلاله من كل الساحات على شكل جراد يجتاح الأخضر واليابس وينشر المناحات والموت الجماعي من شمال العراق إلى جنوبه.

لم يستهدف الاحتلال المزدوج  ثورة تموز لا ونظامها الوطني القومي ولا ثروات بلد غني كان عبر تاريخه مركزا حضاريا للأمة وعاصمة خلافتها ، بل استهدف مشروع نهضة رَسَخَ في ذهن المواطن العربي ونظر إليه من عدن إلى نواكشوط بالرضى في مرحلة تعيش فيها أمته أعلى درجات الخصاص المعنوي و تخوض معركة استعادة دورها الرسالي ومقامها بين الأمم ومساهمتها في خدمة الحضارة ورفاهية المجتمعات البشرية، وما تحتاجه معركة الحداثة والتنوير من نخب وقيادات تحمل الوهج المطلوب في الأفكار، والسحر المطلوب في الخطابات، و الطموح المطلوب في السياسة.

ما يؤكد قيمة ثورة تموز للأمن القومي العربي وأهمية استلهام روحها اليوم أن سقوط العراق واستشهاد قادته وفي مقدمتهم الشهيد صدام حسين رحمه الله أيقظ على نحو لا سابقة له في تاريخ العراق شهوة أطماع القوة الدولية والإقليمية المتربصة بالأمة وخاضت حربها على العرب من بوابة العراق ليصبح  بتاريخه الممتد ونسيجه المتنوع وامتداده الجغرافي الفسيح ساحة صراع وسيطرة تتقاسمه هذه الجهات حسب ما يقرره منطق توازن القوة والمصالح والنفوذ بينها، العراق الذي وصفه شاعره محمد مهدي الجواهري في ملحمته الفخرية الطويلة:

 سلامٌ على هَضَباتِ العراقِ

وشطَّيهِ والجُرْفِ والمُنحنى

على النَّخْلِ ذي السَّعَفاتِ الطوالِ

على سيّدِ الشَّجَرِ المُقتنى

ودجلةَ إذْ فارَ آذيُّها

كما حُمَّ ذُو حَرَدٍ فاغتلى

ودجلةَ زهوِ الصَّبايا الملاحِ

تَخَوَّضُ منها بماءٍ صَرى

تُريكَ العراقَّي في الحالتينِ

يُسرِفُ في شُحّهِ والنَّدى

وكما وصفه شاعر المقاومة عبد الرزاق عبد الواحد:

هوَ العراقُ..سَليلُ المَجدِ والحَسَبِ

هوَ الذي كلُّ مَن فيهِ حَفيدُ نَبي !

كأنَّما كبرياءُ الأرض ِأجمَعِها

تُنْمَى إليهِ ، فَما فيها سِواهُ أبي !

هوَ العراقُ ، فَقُلْ لِلدائراتِ قِفي

شاخَ الزَّمانُ جَميعا ًوالعراقُ صَبي !

***

‎عندَما كُوِّرَتْ

عندَما كلُّ آياتِها صُوِّرَتْ

قيلَ للشمس ِأن تَستَقيمَ على مَوضع ٍلا تَغيبْ

وَلِلنَّجم ِكُنْ أنتَ منها قريبْ

ثمَّ خُط َّعلى الأرض ِمُنعَطَفانْ

تَبَجَّسَ بينهُما الماءُ ،

وانحَسَرَتْ آيَتانْ

بمُعجِزَةٍ تَجريانْ

فالتَقى الفجرُ باللَّيلِ

والنارُ بالسَّيل ِ

كلٌّ بأمرٍ يُساقْ

وأتى الصَّوتُ :

كُوني ..فكانَ العراقْ

ولن يكون بمقدور الأمة استعادة بنائها الوطني والقومي ومواجهة الحلف الرجيم الذي ركز على قاعدة نهضتها الحديثة ومهد وجودها الحضاري ، إلا بدعم المشروع الذي احتُلّ العراقُ من أجل تدميره، وباستلهامه بقوة على الأرض ومواصلة استنبات جذوره بمعطيات قادرة على التكيف مع الوضع الراهن بوسائل نقدية وإبداعية تحمي مشروعها من الانحناء والتفكك الاستراتيجي، وتستلهم المخزون الهائل من قيمه وأساسها التضحية  

فهذه القيم المكتنزة بالشجاعة والتضحية الواردة في ملاحم العراق من جلجامش وثقافة عصر المأمون وملاحم المتنبي حتى الجواهري وعبد الرواق شكلت الإطار المرجعي والنفسي التاريخي لأبطال ثورة تموز، وكان  تمثلها أهم أسباب استهدافهم، ونحتاج في كل وقت وعبر كل ساحة لمهارة اكتسابها وتعلمها وتطويرها دون وجل أو تهيب و دون تهويل واجترار يبقيان، صاحبهما بعيدا من إرثه الثوري وكيانه العقلي وأدواره الحيوية المتجددة.

أما نحن في احتفائيتنا فنقول اليوم على لسان أبطال ثورة تموز ما قاله عبد الرزاق، ونستلهمه في الوقت نفسه:

ولا تعذلينا كلُّ حي له مدى وأما مدانا فالرصاص به أ درى

سلكنا دروب الهول يلظى جحيمُها فكنا بها من كل ضارية أضرى

وحاقت بنا الجُلى فلا سيفُنا نبا ولا خيلنا زمَّت قوائمَها ذعرا

ولم نتخير مركبا لين الُسّثرى ولكننا نختاره مركبا وعرا

نفاجئ فيه الموت في عنفوانه وفي عقر دار الموت نزجره زجرا

فغص بنا حتى كتمنا شهيقه وحتى انتهينا وهو يزفرنا زفرا

فنحن له ضوء ونحن له ندى ونحن له سهم على مهل يبرى