هناك آليتان لهدر المال العام يجب وقفهما على الفور :
1. صفقات التراضي، التي بلغت مستويات قياسية، تعتبر السبب الرئيسي في إفقار المواطنين ولها أثر كارثي على آفاق التنمية.
في كل صفقة تراضي، يُقدر عموما أن هناك فواتير زائدة بين 20 و 50٪ على الأقل. فعلى سبيل المثال، بالنسبة لكل مليار أوقية قديمة من صفقات التراضي، فإن الضرر المحتمل سيكون ما بين 200 مليون و 500 مليون أوقية، أي ما يكفي لتمويل عدة مراكز صحية مجهزة بالكامل، مما قد يقلل من المعدل المخيف لوفيات الأمهات عند الولادة (582 حالة وفاة لكل 100000ولادة).
كما تعتبر صفقات التراضي السبب الرئيسي في التفشي غير المسبوق لظاهرة الإثراء غير المشروع، حتى أصبح العديد من السياسيين والموظفين، أكثر ثراء من كثير من رجال الأعمال.
2. تقسيم النقود عن طريق تآزر : من الغريب أن يتم توزيع الأموال نقدا ومباشرة (يدا بيد)، من طرف مسؤولي المؤسسة. هذه الطريقة المخالفة لكل الأعراف والقواعد في مجال الشفافية وتسيير الموارد العامة، تثير كثيرا من الشبهات وتفتح فرصا لا حدود لها لاستنزاف ونهب المال العام، حيث لا يمكن متابعتها.
كما أن مكافحة الفقر لا تعني بالضرورة توزيع بعض المال على المواطنين الأكثر هشاشة، بل تمكينهم من الوصول إلى الخدمات الأساسية، كالماء والكهرباء والصرف الصحي وما إلى ذلك، وخلق بيئة مواتية للقطاع الخاص لدعم الأنشطة الاقتصادية، مما سيخلق الكثير من فرص العمل و يولد فوائد إيجابية للفقراء.
على رئيس الجمهورية، إذا كان فعلا صادقا في محاربته للفساد، وإذا كانت لديه إرادة سياسية واضحة لإنهاء حكم الإفلات من العقاب، أن يتخذ إجراءات صارمة ضد صفقات التراضي وتوزيع المال نقدا من طرف المسؤولين. بل يجب عليه أن يذهب أبعد من ذلك، من خلال التحقيق في أصل الثروات غير المبررة للموظفين.
عليه أيضا أن يعلم أنه مسؤول أمام الشعب، ولن يستطيع، يوما ما، أن يتذرع بأن دوره اقتصر على تحديد الخطوط العريضة للسياسات التنموية وأنه أعطى التفويض وكامل الصلاحيات للمسؤولين، من أجل تنفيذ مهامهم بكل حرية، دون متابعة أو مراقبة، خاصة أنه جدد تأهيل بعض الأشخاص الذين تحوم حولهم شبهات فساد، حيث أوكل إليهم إدارة هذا البلد ومصير شعبه، كما أعاد الثقة في بعض رموز العشرية التي يحاكم رئيسها الآن بتهمة الفساد. الحقيقة، أن ما تقوم به الحكومة من تبديد للمال العام يتناقض بشكل صارخ مع الرغبة المعلنة في مكافحة الفساد ومحاكمة المستفيدين منه خلال العقد الماضي.
أخيرا، ندعو الله عز وجل، في هذا الشهر الكريم، أن يسهل الأسباب لكي يقوم البرلمان القادم بتشكيل لجنة تحقيق لمعرفة تفاصيل ومبررات وشروط منح كل هذه العقود بالتراضي وعمليات توزيع الأموال التي تقوم بها تآزر. هذه معجزة ولكن الله على كل شيء قدير