الصور التي ترد من سوريا المدمرة بعد الزلزال مؤلمة مثل التي ترد من تركيا، لكن الوضع في الشقيقة سوريا لا مثيل له من الناحية الإنسانية لكونه تواصل كارثي لمحنة قاسية شبيهة بإبادة جماعية لشعب عربي يتفرج عليه العالم، ويتوارى إخوة سوريا في الرحم والدين أمام حقيقة محنته المأساوية ويتركون أشقاءهم في زحمة الدمار والثلوج والمرض والجوع، وعشرات الجثث من النساء والشيوخ والأطفال لم تتح لها حتى فرصة الدفن فحملت معها أحزانها ورحلت في مشهد لم نر بعد يومين من حدوثه تضامنا بحجمه من دول صرفت مئات المليارات من الدولارات لتحضير المليشيات وتسليحها وحفر الأنفاق بين مختلف المناطق بسوريا قبل سنوات وغير مستعدة اليوم للمساعدة في حفر ثقوب صغيرة وسط ركام كثيف يجثم على اللحم المرضوض لسوريين عزَّل عزلتهم الحرب الأهلية والحصار وانقض عليهم الزلزال المدمر وهم يقاسون أعتى موجات البرد والصقيع، وحولتهم موجاته المتواصلة إلى وليمة جديدة للموت والمقابر الجامعية، ومظاهرها المروعة المنقولة عبر قنوات العالم .
فإذا كانت تركيا بما لديها من بنية قوية وتضامن عالمي وعربي واسع باستطاعتها تخفيف معاناة مواطنيها من آثار الزلزال المدمر الذي ضرب منطقة شاسعة في جنوبها الشرقي، فإن سوريا بعد 12 سنة من الخراب وغياب الدولة وتفكك روابط المجتمع والحصار وسطوة المجموعات الارهابية المسلحة، غير قادرة على أية استجابة لمساعدة مواطنيها المتضررين، وهو ما يؤكد واجبات إخوتها في الرحم والدين ويضع مساعدتها في أولياتهم اليوم وتقديم لها العون الإنساني من كارثة تكسرت فيها نصال محنة الكوارث الطبيعية على محنة المؤامرات والاحتلال وشهوة القتل والدمار التي سادت منطقتنا في السنوات الماضية .