لا توجد صداقات ولا عداوات دائمة و لكن توجد مصالح دائمة؛
انطلاقا من هذه المقولة نريد أن نحلل المكاسب و الخسائر الناجمة عن تحالف عزيز و "فلام" و قبل ذلك الظروف التي مهدت لنشأة هذا التحالف :
فمن المعروف أن "فلام" حركة انفصالية عنصرية، قادت حربا في التسعينات ضد الدولة بدعم من إسرائيل و تلاشت قدرتها العسكرية و الدعم الدولي الذي كانت تحظى به عقب قيام الرئيس السابق معاوية ولد الطايع بمناورة سياسية ذكية، حين قرر التطبيع مع إسرائيل لوقف التدريب و الدعم الذي كانت تقدمه للحركة.
نحن هنا نسرد وقائع تاريخية، و نقرأ تجلياتها على الواقع..
في عهد المجلس العسكري و من بعده الرئيس محمد ولد عبد العزيز، حدث انفتاح سياسي، و اتفق النظام مع قيادات العمل السياسي في الخارج و منهم قادة "فلام" بالعودة إلى البلاد و جرت تسويات لعدد كبير من المتابعين و المفصولين من القطاعات العسكرية و المدنية.
و كما هي حال العديد من الحركات السياسية، شهدت "فلام" انشقاقات و تبعثرت على أساس المصالح و الإجتهادات و ظل جناحها في الخارج نشِطًا و يشارك في حراكات الداخل مستغلا ما يقدمه من علاقات مالية و سياسية لحلفائه في بلدان أوروبا و كندا والولايات المتحدة الأمريكية.
السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو متى بدأ ولد عبد العزيز يفكر في التحالف مع "فلام" و لماذا اختار هذا التوقيت للإفصاح عن ذلك ؟
من الصعب أن تحلل ما جرى تحليلا سياسيا صرفا ، لأن هذا التحالف سياسيا عديم الفائدة على الأقل على المستوى الداخلي، لكن أظن أن السبب له علاقة بإدراك ولد عبد العزيز، أن الأحزاب القائمة، الإستثمار فيها مكلف، زيادة على ذلك أن النظام يتحكم فيها متى و كيف شاء، و من هنا فكر ولد عبد العزيز في بناء "بعبع سري" بالتحالف مع حركة محظورة، لكنه تحالف فاعل بحكم شبكات "فلام" المتعددة الأدوار و وسائل الضغط و التأثير التي تملكها في الغرب.
ناهيك عن أنه تحالف انتخابي لتشتيت الكتلة التصويتية المحتملة للنظام من الزنوج، و إن كنت استبعد أن يبلغ تأثير "فلام" تغيير المعادلة الإنتخابية في الداخل.
إذن مكاسب الرئيس السابق ولد عبد العزيز لن تتعدى، الدفع بالتأزيم على المستوى الداخلي بحراكات مسنودة من الخارج، و هذا الامر يغلق أمامه الباب للعودة للعب دور سياسي مستقبلًا في البلاد.
أما مكاسب "فلام" فهي كثيرة، و ربما أولها أن الرئيس السابق بوصفه أعلى هرم الدولة الموريتانية، يمنحها الغطاء الشرعي لدعم أطروحاتها السياسية التي كثيرا ما وصفت بالزائفة و غير القانونية.
زيادة على هذا ستستفيد "فلام" من فرض قرارها على ولد عبد العزيز، فهي ليست ذلك "الحمل الوديع" و ليست الحليف المستعد لتوقيع شيك على بياض في معركة ولد عبد العزيز السياسية و القضائية مع النظام الحاكم.
كذلك ستستفيد ماليا و ستكون معول تفرقة جديد، لاستغلال الرئيس السابق لتأجيج الصراع داخل مكون البيظان، مثلما فعلت مع بيرام، وحالما تستنفد غرضها منه ستكون نهايته السياسية بيدها.