القضاء وظيفة الرسل قال تعالى ( يَٰدَاوُۥدُ إِنَّا جَعَلْنَٰكَ خَلِيفَةً فِى ٱلْأَرْضِ فَٱحْكُم بَيْنَ ٱلنَّاسِ بِٱلْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ ٱلْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ ۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌۢ بِمَا نَسُواْ يَوْمَ ٱلْحِسَابِ)
ولمكانته وضعت الشريعة الاسلامية صفات يجب ان يتصف بها القاضي قال خليل ( أهل القضاء عدل ذكر فطن مجتهد إن وجد والا فامثل مقلد وزيد للامام الاعظم قرشي ).
ولخطر هذه الوظيفة كان البعض يتهرب منها ثم يفرضها السلطان عليه ..
وفى بلادنا كان للقضاء مهابته مع انعدام السلطان فكان الناس يقبلون حكم القاضي ويلتزمون به طواعية وذلك ثقة منهم به وبعدله وبعلمه ..
واليوم ومع وجود الدولة الحديثة لم يعد للقاضي تلك المكانة ولم يعد لحكمه تلك القداسة فما هو السبب ؟
من وجهة نظرنا نعتبر ذلك عائدا الى أمور جوهرية منها
١ لم يعد القضاة يحسون جسامة المسؤولية الملقاة على عواتقهم وقد كان يقال من تولى القضاء فقد ذبح بدون سكين
لهذا صارت وظيفة القضاء يتقدم لها فى بعض الأحيان من تنقصهم الكفاءة الخلقية وكذا الكفاءة العلمية ..
٢ إحساس القاضي بعدم استقلاليته وتعرضه للضغط والتخويف من السلطة التنفيذية بجميع مستوياتها
٣ انعدام مبدأ المكافأة والعقوبة فكثير من القضاة بدا مشواره مستقيما ثم جرفه تيار الفساد
٤ عدم انتظام جلسات الحكم فهناك كثيرون بقوا لسنوات فى سجن تحكمي دون محاكمة
٥ تداخل السياسي مع القضائي جعل القضاة يتهيبون الأحكام
٦ لوبيات الفساد والعلاقات المالية تتحكم فى بعض مفاصل السلم القضائي
٧ تحكم عقليات المجتمع كالقبلية والجهوية ولوبيات المال فى القضاة مما جعل أحكام القضاة غير منطقية وغير مؤسسة فمرة يحكم على هذا الشخص ثم تتم تبرئته من دون مبرر
٨ ساهمت الديمقراطية وحرية الراي فى إرباك القضاء بحيث تظهر الشخص مظلوما وهو فى حقيقة الامر ظالما والعكس يقع فى بعض الأحيان
٩ تأثر القضاء بفكرة الشرائحية بحيث أصبح التمثيل القبلي والشرائحي حاضرا ضمن تراتبية السلم القضائي وهو امر مخل بالمهنة
١٠ بالنسبة لاعوان القضاء كالمحامين وغيرهم ينطبق عليهم ما ينطبق على القضاة فالعلاقات الشخصية والمؤثرات تلعب دورا أساسيا فى عملية القضاء ..
هذه كلها اسباب تدني مصداقية القضاء وإذا عرف السبب زال العجب وعرفت الحلول طبقا لبيان الأسباب ..
و تكمن الحلول فى نظرنا فى إزالة الاسباب المؤدية الى هذه الحال وبشكل عملي :
١ تجسيد استقلالية القضاء عمليا بحيث يكون القاضي هو المسؤول عن حكمه
٢ العمل على تنفيذ أحكام القضاء على الافراد وعلى الدولة فالكثير من الأحكام القضائية لم يتم تنفيذها ولا قيمة لحكم لا نفاذ له ..
٣ تطبيق مبدا المكافاة والعقوبة ففى سلك القصاء شخصيات نزيهة ذات كفاءات علمية وخلقية تستحق الترقبة حتى تكون نموذجا وقدوة ..
٤ ابعاد القضاء عن التجاذبات السياسية والاجتماعية
٥ تولية الاكفاء واعتبار الكفاءة هي المعيار
٦ احترام تراتبية احكام القضاء وتراتبية المحاكم
والله ولي التوفيق
الدكتور الشيخ ولد الزين ولد الامام
محامي شرعي لدى المحكمة العليا