الدكتور اعل الشيخ الدح يكتب : جهود الدولة في محاربة للفساد | موريويب

الدكتور اعل الشيخ الدح يكتب : جهود الدولة في محاربة للفساد

جمعة, 09/23/2022 - 11:21

يعتبر الفساد كارثة مدمرة، يجب مواجهتها ومجابهتها وتسعى الدولة للقضاء على هذه الظاهرة بكل الطرق المتاحة وذالك عن طريق تطبيق القانون علىى كل شخص جرمه القضاء وأثبت فساده وأصدرت المحاكم المختصة أحكاما قضائية بذاللك، تجسيدا لمبدأ إستقلالية القضاء وعدم تدخل السلطة التنفيذية في عمله.  
السلطة التنفيذية عملا بمقتضيات القانون لاتساوم في تنفيذ الأحكام القضائية ضد من ثبت تورطهم في ملفات فساد وتبديد للمال العام. 
إن الفساد المتضرر الأول منه هم الفقراء، المساكين، ذوي الاحتياجات الخاصة، كبار السن،الأطفال وكافة الطبقات الهشة من مجتمعنا لذالك تسعى الحكومة عن طريق كافة أجهزتها التي سنتطرق لها لاحقا، 
إن الفساد كذالك يكرس العنف والتطرف والأخطر من ذالك يبدد الفساد الثقة بين المواطن والدولة.
رغم الإجراءات والتدابير التي اتخذها رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني إستنادا  الى قوانين الجمهورية المتعلقة يمكافحة الفساد وكذالك الاتفاقيات الموقعة في هذا الصدد كالاتفاقية الدولية للشفافية ومحاربة الفساد، اتفاقيات محاربة الفساد العربية و الافريقية والاتفاقيات الثنائية العديدة الأخرى، لم يسعف ذالك بلدنا الذي يقبع في مؤخرة الدول في ما يخص مأشر الفساد، اذ تحتل موريتانيا في هذا الصدد المرتبة 140 من اصل 180 دولة  لمؤشر الفساد للعام 2021.
هذه المرتبة المقلقة التي يحتل بلدنا بخصوص مؤشر الفساد تستوجب على الحكومة الموريتانية تكثيف جهودها وتحمل مسؤولياتها و الدفع قدما في محاربة هذا  الداء العالمي الذي "على الرغم من بعض المكاسب، لايزال الفساد يمثل استنزافا هائلا للموارد التي تشتد الحاجة إليها للتعليم والصحة والبنية التحتية" هوجيت لابيل، رئيس منظمة الشفافية الدولية.
فالأرقام والإحصائيات تستدعي تضافر الجهود من أجل بلورة رأية واضحة وإجراءات عملية حتى نتمكن من كسب معركة الفساد التي يعول الشعب كثيرا على كسب الحكومة لها، فمعركة الفساد رهان لا بد للحكومة من كسبه إذا أرادت تحقيق تطلعات الشعب الموريتاني ونيل ثقته. 
إن الحكومة الموريتانية أمام مفترق، فإما السير في طريق البناء والتنمية والإصلاح السياسي والاقتصادي كما يتطلع الى ذالك الشعب وكما يريد رئيس الجمهورية ولا يكون ذالك إلا بالمحاربة الجدية والصارمة بل والشفافة لظاهرة الفساد هذه وتداعياتها أو السير في نفس المربع الذي يكرس الفساد وسوء التسيير والتلاعب بالمصالح العامة مما يترتب عنه المزيد من الخراب والفقر والانحطاط. 
ولتسليط الضوء على كافة حيثيات هذا الموضوع نقترح معالجته من خلال المحاور التالية:
 
المحور الأول تعريف الفساد ومظاهره

أولا تعريف الفساد
يعرف الفساد بأنه الخروج عن النظام والقانون أو عدم الالتزام بهما أو إستغلال غيابهما لتحقيق مصالح إقتصادية أو سياسية أو اجتماعية لفرد معين أو لمجموعة معينة، بعبارة أخرى هو بعض السلوكيات السلبية من قبيل الإستخدام السيئ للمنصب العام لتحقيق مصلحة خاصة للموظف العمومي أو لمجموعته.  

ثانيا مظاهر الفساد
لا بد أن نعرف أن هذا الفساد الذي يجب علينا جميعا أن نحاريه كل من موقعه له مظاهر عديدة من أهمها:
 1-الرشوة بمعنى أن الموظف العمومي يأخذ المال مقابل تنفيذ عمل معين بدون وجه حق عن طريق الرشوة وهو عمل يجرمه القانون ويعاقب على ارتكابه؛ 
2-المحسوبية وهي قيام الموظف بإسداء مصلحة بطريق غير شرعية لشخص تربطه قرابة او جهة  او علاقات أخرى  مع العلم أن هؤلاء الأشخاص لايستحقون هذه الخدمة. 
3-المحاباة وهي تفضيل جهة عن جهة أخرى من دون وجه حق من أجل تحقيق الموظف العمومي لغرض شخصي من هذه المصلحة 
4-  الوساطة وهو التعيين أو الاكتتاب خارج القانون وهذا النوع من أخطر الفساد ويجب على الدولة ومفتشياتها التحقيق الدائم والمستمر بخصوصه مع العلم أن الأشخاص الذين يتم إكتتابهم أو تعينهم بهذه الطريقة لا يصلحون غالبا لهذا العمل ولايستحقونه. 
5-نهب المال العام  وهو التصرف في أموال الدولة من غير وجه حق تحت مسميات واهية لذالك لابد للدولة من مواكبة تسير موظفيها وعملائها للممتلكات العامة حتى تستطيع كسب معركة الفساد بعزل المفسدين ومسائلتهم. 

المحور الثاني الاطار القانوني  والمؤسسي لمحاربة الفساد
تعتبر المنظومة القنونية والمؤسسية هي  الضمان الوحيد لكسب الحرب على الفساد  ففي هذا الإطار قامت الحكومة بخطوات مهمة بدءا من سن قانون محارب ومجرم للفساد.
قانون محاربة الفساد جاء مكملا لبعض مقتضيات ومواد القانون الجنائي وكذا الاجراءات الجنائية بغية محاسبة المفسدين وكذالك من أجل قطع الطريق أمام كل من تسول له نفسه العبث بمقدرات البلد لتحقيق مٱربه الشخصية أو الكسب الغير مشروع من خلال الوظيفة. 
أنضمت موريتانيا للدول الموقعة على الاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد في الخامس والعشرين من اكتوبر للعام 2006 وخلال عقد من الزمن لم تسن اي تشريعات تخص مكافحة الفساد بشكل صريح، وفي العام 2016 اصدرت موريتانيا قانونها رقم 014-2016 المتعلق بمكافحة الجرائم المرتبطة بالفساد. قانون محاربة الفساد هذا دعم عمل الهيئات الرقابية التي كانت موجودة وأنشأت بعض المصالح الجديدة في إطار العمل على القضاء على كافة اشكال الفساد والمفسدين. 
 الاطار التشريعي للإتفاقية الامية يتقاطع مع النصوص التشريعية المعتمدة في بلادنا خصوصا ما يتعلق منها بتجريم الرشوة والمتاجرة بالنفوذ بالنسبة للموظف الحكومي والاختلاس وإساءة استقلال الوظيفة والاثراء الغير مشروع، انظر المواد  7 -16-19-20-22
القانون رقم 014- 2016 دعم الكثير من المقتضيات القانونية خصوصا في مجال القانون الجنائي وكذالك الاجراءات القانونية. 

المحور الثاني: أجهزة الدولة الرقابية

أولا البرلمان 

يمارس البرلمان الموريتاني رقابته على عمل السلطة التنفيذية عن طريق وسائل الرقابة المقرر في الدستور كالإستجواب، توجيه الأسئلة، لجان التحقيق البرلمانية (في هذا الاطار يجب الاستفادة من عمل اللجنة البرلمانية التي تم إنشاؤها بغرض التفتيش في بعض ملفات العشرية ولملا إنشاء لجان تفتيش أخرى وتوسيع دائرة التفتيش)، التصويت على قانون الميزانية وتسوية وتعديل الميزانية. 
من هذا المنطلق لايمكن لمحاربة الفساد أن تكون فعالة إلا إذا لعب البرلمان دوره بكل شفافية وتجرد. 
فالسلطة التنفيذية ملزمة بمعالجة كافة الاختلالات التي يتوصل  إليها البرلمان من خلال دوره الرقابي الهام. 
إذا المراقبة البرلمانية ظاهرة صحية لرقي وتطوير بلدنا ومجتمعنا إذا مورست بشكل فعال وصحيح لا تتدخل فيه السلطة التنفيذية إلا من خلال الرد بشفافية على اللجان البرلمانية المكلفة بالرقابة والتدقيق فبذالك يلعب البرلمان دوره الهام الذي لاغنى عنه في تصويب وترشيد عمل الحكومة ومكافحة الفساد. 

ثانيا محكمة الحسابات

 وهي هيأة عليا للرقابة على العمومية.
نشرت هذه الهيئة مجموعة من التقارير الهامة في مجال مكافحة، أثبتت هذه التقارير وجود فساد وهدر كبيرين للأموال العمومية.
 هذه التقارير التى صدرت عن هذه الهيئة الرقابية المهمة  أثارت حفيظة وسخط المواطنين على المسؤولين الذين بينت هذه التقارير فسادهم.
ليس المهم هنا التعرض للمسؤولين الفاسدين الذين ظهرت أسمائهم في هذه التقارير بقدر ماهي دعوة لتمكين هذه الهيئة من القيام بعملها النبيل وتذليل كل الصعاب أمامها من السلطة التنفيذية من أجل عزل المفسدين وتقديمهم للعدالة. 

ثالثا المتفشية العامة للدولة 

تعتبر المتفشية العامة للدولة جهاز رقابي مهم ومحوري في محاربة الفساد وهي تتبع لرئاسة الجمهورية مباشرة. 
تقوم هذه الهيئة الرقابية المهمة كل سنة بإعداد برنامج واضح لضمان الشفافية. وتقوم المفتشية من خلال هذا البرنامج بالتحقيق والتحقق من خلال المؤسسات التي يستهدفها التحقيق ويعرض على السلطات العليا وبعد ذالك يتم بعث لجان التفتيش للقيام بعملها. 
عمل هذه الهيئة الرقابية تدعمه الدولة. 
المفتشية العامة للدولة من أجل قيامها بعملها بكل مهنية وتجرد عمدت على التركيز على تجارب بعض الهيئات المشابهة لأخذ الخبرة الازمة وإدماج تقنيات جديدة لكشف التلاعب والفساد. 
لقد قامت المفتشية بعقد شراكات هامة لعل من ابرزها  إتفاقية تعاون إداري وفني  مع مكتب مكافحة الاحتيال التابع للاتحاد الأوروبي. 

رابعا أجهزة التدقيق الداخلى

الهدف من هذا النوع من التدقيق هو مساعدة المؤسسات في تحسين عملها تكريسا لمبدأ الشفافية في تسيير الممتلكات العمومية. 
لكن هذا العمل الرقابي الداخلي في القطاع العام يستوجب التهيئة والإرادة الازمتين لضمان إستقلاليته ويلعب فيه المدققين الداخليين الدور الأهم في المساءلة لمؤسساتهم في كل ما يتعلق بالفحص والموازنة. 

المحور الثالث دور الأجهزة المكلفة بالمتابعة والتحقيق في محاربة الفساد

القانون الموريتاني يلزم كافة الموظفين المكلفون بالمراقبة والتحري  إخبار النيابة العامة بكل ما يحصل لهم العلم به من تجاوزات يعاقبها القانون. 
وهذه الأجهزة هي على التوالي
أولا الشرطة القضائية 
التي تقوم بمهامها كما عرف ذالك قانون مكافحة الفساد عن طريق الحراسة النظرية، التفتيش، الحجز، التجميدوالمصادرة. 
ثانيا النيابة العامة وهي عبارة عن قطب من قضاة النيابة. 
ثالثا التحقيق  وهو عبارة عن قطب من قضاة التحقيق مهمته الحسم في كل ما يتعلق بالحبس الاحتياطي، الحجز وتجميد الأموال موضوع المتابعة. 
رابعا المحكمة وتعنى هذه المحكمة  بمحاكمة الضالعين في الجرائم المرتبطة بالفساد وكذالك الجرائم التي لا يمكن فصلها عنه 

المحور الرابع  الحلول المقترحة لمحاربة الفساد

في ما يلي سنقدم بعض الحلول لهذه الظاهرة الفتاكة والمشينة التي يعاني منها بلدنا:
1- محاسبة المفسدين حتى يكونو عبرة لمن يعتبر وذالك بتطبيق القانون بكل صرامة؛ 
2- مكافئة النزيه مكافئة محفزة وهنا نعني المبلغين عن حالات الفساد في الدوائر الحكومية مثل الرشوة والاختلاس وتبديد الأموال العمومية حتى نعمل سدا منيعا ضد الفساد أيا كان شكله؛ 
3- المعاملات الرقمية يجب العمل على تطوير هذا النوع من المعاملات بين المواطن والدولة لذالك نقترح تسجيل وتنظيم كافة المعاملات  بشكل يصعب أي عملية رشوة أو إختلاس؛ 
4-التحول الاقتصادي الغير نقدي 
يجب في هذا الاطار تداول وتحويل العملة بشكل رقمي  وهذه طريقة حديثة تمكن من إلغاء أي ربح شخصي  هذا النوع من الاجراءات يمكن من دفع المبالغ من دون أي زيادة أو غش حتى لاندع أي مجال الإثراء الغير مشروع؛ 
5 -مبدأ الشفافية وتوضيح مصادر الدخل والانفاق، مبدأ الشفافية هذا يلزم الحكومة أن تعلن عن الصفقات والعقود مع الشركات بالأرقام وسيمكن هذا العمل من إمكانية محاسبة المسؤولين عن أي عملية غش أو تزوير؛ 
6- مرتبات مرضية لابد في هذا الصدد تحسين الظروف المعيشية للمواطن حتى يتمكن من تأدية عمله في أحسن الظروف وبذالك تساعد الدولة الموظف في عدم اللجوء إلى القيام بأعمال غير مشروعة مثل الرشوة والاختلاس؛ 
7- دور الصحافة في محاربة الفساد وكشفه يجب على الصحافة لعب دورها كسلطة رابعة تسلط الضوء على كافة الممارسات السيئة في موضوع مكافحة الفساد وفضحه عن طريق الاستقصاء وتتبع عمل الادارة؛ 
8- دور المجتمع المدني في نشر التوعية بمخاطر الفساد لابد للمجتمع المدني لعب دوره في توضيح ضرر الفساد ونشر خطورته؛ 
9-توظيف الكفاءات الوطنية 
في هذا الصدد يجب التحقق عبر لجان متخصصة وتوضع معايير واضحة للتوظيف والتعيين وتحديدا الكفاءات الوطنية التي ستسند الحكومة في القيام على أمور الناس بعبارة أخرى العمل على وضع الموظف المناسب في المكان المناسب. 

المراجع
- الإتفاقية الأممية للشفافية ومكافحة الفساد الصادرة في يوم 25من اكتوبر 2006
- دستور الجمهورية الإسلامية الموريتانية الصادر بتاريخ 21 يوليو 1991 والمراجع سنوات 2006, 
2012 و 2017;
-القانون 2016-014 المتعلق بمكافحة الجرائم المرتبطة بالفساد الصادر بتاريخ 15 ابريل 2016؛ 
-:الأمر القانوني رقم 162-83 بتاريخ 9يوليو 1983   المتضمن القانون الجنائي الموريتاني
- الإجراءات الجنائيةالموريتانية 
-الموقع الرسمي لمحكمة الحسابات