جرت في القصر الرئاسي بنواكشوط عدة لقاءات علنية وأخرى سرية، مع مختلف أطراف "الحوار الوطني الشامل" الذي تنظمه الحكومة الموريتانية وتقاطعه المعارضة التقليدية، وركزت هذه اللقاءات الانفرادية على مخرجات الحوار الوطني الذي ينتظر اختتامه يوم غد الثلاثاء.
وقالت مصادر شديدة الاطلاع لـ"صحراء ميديا" إن لقاءات سرية عقدها الوزير الأمين العام لرئاسة الجمهورية مولاي ولد محمد لقظف مع بعض أطراف المعارضة المحاورة، حاول فيها إقناعهم بالموافقة على تعديل مواد الدستور المحصنة التي تمنع الرئيس من الترشح لمأمورية رئاسية ثالثة.
وتأتي هذه اللقاءات التي ازدادت وتيرتها اليوم الاثنين، قبيل ساعات من موعد اللجنة المشرفة لاختتام جلسات الحوار الوطني الذي أطلقته الحكومة يوم 29 سبتمبر الماضي، وتم تمديده لعشرة أيام، وما تزال هنالك توقعات تشير إلى إمكانية تمديده في اللحظات الأخيرة للمرة الثالثة.
ويجد ولد محمد لقظف صعوبة كبيرة في مواجهة حزب التحالف الشعبي التقدمي الذي علق مشاركته في جلسات الحوار، والتقى رئيسه مسعود ولد بلخير بالرئيس محمد ولد عبد العزيز، ولكنه –تقول المصادر- غادر القصر غير راض عن مجريات اللقاء، خاصة بعد أن رفض الرئيس دعم تعديل المادة التي تحد من سن الترشح للانتخابات الرئاسية.
وأوضحت المصادر أن ولد عبد العزيز أكد في لقائه مع ولد بلخير أن من يتحدثون في قصر المؤتمرات لا يمثلونه وجميع المطالب التي ترفع هنالك لا تعكس وجهة نظره ولا قناعته، ورفض أن يعطيه ضمانات بخصوص المأمورية الثالثة مؤكداً أنه سبق أن أعلن بشكل صريح أنه لن يكون عقبة في وجه الديمقراطية بموريتانيا.
وتشير المصادر التي تحدثت لـ"صحراء ميديا" إلى أن ولد بلخير في المقابل أبدى موقفاً حازماً من تعديل المواد المحصنة لعدد المأموريات الرئاسية، وأعلن رفضه الصريح لتعديل هذه المادة والسماح بترشح الرئيس لمأمورية رئاسية ثالثة يمنعها الدستور الحالي، وهو نفس الموقف الذي كانت قيادات في الحزب قد عبرت عنه.
من جهة أخرى أكدت المصادر أن القصر الرئاسي استدعى مساء اليوم إحدى الشخصيات البارزة في قيادة حزب التحالف الشعبي التقدمي، وقدم له ولد محمد لقظف عروضاً قوية من أجل تغيير موقف الحزب المتصلب تجاه تعديل مادة المأموريات الرئاسية، ولم يعرف بعدُ إن كان ذلك سينجح في تغيير موقف ولد بلخير.
في غضون ذلك عقد المكتب التنفيذي لحزب التحالف اجتماعاً مساء اليوم لمناقشة الاستمرار في تعليق مشاركتهم في الحوار أو العودة لحضور الجلسة الختامية المنتظرة يوم غد بقصر المؤتمرات والتوقيع على التوصيات النهائية.
وتشير المصادر إلى أن هنالك توجهاً قوياً لدى أطراف في الحكومة من أجل تعديل المواد الدستورية المحصنة، ولكن هذه الأطراف حريصة على أن يكون ولد بلخير شريكاً في أي خطوات بهذا الاتجاه، وفق تعبير المصادر.
في المقابل كان المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، أكبر كتلة سياسية معارضة في البلاد، قد هددت بالتصعيد واللجوء إلى الشارع من أجل رفض أي تعديل دستوري من شأنه أن يسمح للرئيس بالبقاء في الحكم.
ودعا المنتدى الذي قاطع جلسات الحوار الوطني، إلى مسيرة شعبية يوم 29 أكتوبر الجاري، يرفع فيها شعار رفض تعديل الدستور، وخاصة المواد التي حصنها التعديل الذي جرى بعيد الإطاحة بحكم الرئيس السابق معاوية ولد سيد أحمد الطائع، وهو التعديل الذي جرى في استفتاء شعبي عام 2006.
وحذرت قيادات في المنتدى من دخول موريتانيا في موجة من الاضطراب وانعدام الاستقرار بسبب أي خطوة للمساس بالطابع السلمي للتناوب على السلطة، ضاربين المثل ببلدان أفريقية مشابهة مثل بوركينافاسو.