أسطول الصمود العالمي الدرس الاخير | موريويب

أسطول الصمود العالمي الدرس الاخير

سبت, 09/13/2025 - 14:33

الرسالة الاولى التي سيتعين التوقف عندها بعد استهداف أسطول الصمود للمرة الثانية على التوالي و تأكيد بيان السلطات الامنية في تونس أن الاعتداء مدبر وهي أن منظمي هذه المبادرة والمشاركين  و المتطوعين الذين جاؤوا من أربع و أربعين بلدا مصرون وأكثر من أي وقت مضى على الابحار باتجاه غزة رغم كل المخاطر والتهديدات التي لم تعد خفية ..
الى غزة سيروا …غزة غزة أرض العزة Free Free Palestine  ..هكذا صدحت الخناجر فيما تدافع التونسيون في وداع المشاركين في اسطول الصمود على أمل أن يكون اللقاء قريبا على أرض تونس بعد أن تكتمل المهمة أو هذا على الاقل ما يأمله الجميع رغم التهديدات والمخاطر التي تترصد أسطول الصمود العالمي ..

هناك مسائل لا تخفى على مراقب  عندما يتعلق الامر بالشارع التونسي وبالقضية الفلسطينية التي تبقى على رأس الاهتمامات رغم كل ما قيل و يقال عن الخذلان العربي والدولي والصمت المريب الذي يرافق أبشع مجازر القرن  مع انقاء اكثر من سبع مائة يوما على الابادة في غزة باعتماد ثلاثي القصف و التهجير و التجويع  ..
لسنا بصدد مناقشة موقف الرأي العام التونسي من قضية الشعب الفلسطيني العادلة فهذه مسألة غير مطروحة في بلد امتزجت على ترابه دماء أبناءه بدماء الفلسطينيين منذ هب الاجداد للاتحاق  بالمقاومة  ورد العدوان عن فلسطين في أربعينات القرن الماضي ..
هناك اشارات لا تخفى على مراقب وأن في استهداف السفينة الاسبانية “فاميلي “في تونس , وهو بالاضافة الى أنه اعتداء على سيادة البلد رسالة مباشرة الى اسبانيا التي أعلنت رفضها استمرار الابادة في غزة واتخذت اجراءات عقابية غير مسبوقة ضد كيان الاحتلال بينها  منع صفقات السلاح لتل أبيب ومنع كبار مسؤولي هذا الكيان المتورطين في الابادة و بينهم ناتنياهو وبن غفير من زيارة اسبانيا , أما السفينة الثانية “ألما “التي يعتقد أنها استهدفت بمسيرة فهي تحمل العلم البريطاني علما و أن أسطول الصمود يضم أكثر من ألف مشارك من أربع وأربعين بلدا اجتمعوا في تونس قبل التحرك باتجاه غزة لكسرالحصار عن القطاع ..كيف ستكون الرحلة و هل يمكن أن تبلغ هذه المرة هدفها أسئلة مطروحة وسط تزايد المخاوف من عدوان اسرائيلي قد يتم في كل حين بالنظرالى امتداد ذراع كيان الاحتلال لتوسيع ضرباته على أكثر من جبهة في الشرق الاوسط .

منذ وصول السفينة الاسبانية “فاميلي” وهي الاكبر في هذا الاسطول هب الشارع التونسي لاستقبال النشطاء الذين كانوا على متنها وبينهم النائبة الاوروبية من أصول فلسطينية ريما حسن  والناشطة السويدية غريتا تونبرغ   بحضور المقررة الاممية لحقوق الانسان في فلسطين فرانشيسكا ألبانيز ومات النشطاء من مختلف دول العالم وذلك للاعلان  عن تضامنه ودعمه للقضية الفلسطينية المستمر ..ومنذ انتشار أول خبر عن محاولة استهداف الاسطول في ساعة متأخرة من الليل  كانت جحافل التونسيين تتجه الى ميناء سيدي بوسعيد للتنديد بما حدث …
وفي انتظار انطلاق أسطول الصمود بعد تأجيل الرحلة لاكثر من سبب بين اوجستي و غيره  فان الزحف الشعبي على ميناء و لاحقا الى ميناء بنزرت كانت رسالة مهمة الى كل العالم ترجمت الوعي الشعبي العابر للحدود لكل الجنسيات المشركة في اسطول الصمود  بأن وقف جريمة الابادة  أمر لم يعد يقبل التأجيل و أن التواطؤ الدولي والانحياز الغربي الاعمى لكيان الاحتلال تجاوز كل حد ..
ولعله من المهم الاشارة الى أن انطلاق قافلة الصمود باتجاه ميناء غزة يشكل مغامرة محفوفة بالمخاطر في ظل انسياق جيش الاحتلال الاسرائيلي وقياداته اليمينية المتطرفة الى الدوس على كل القوانين والاعراف الدولية والانسانية وارتكاب أبشع الجرائم في حق كل من يعترض أو يتصدى لحماقات هذا الكيان , والاكيد أن سجل كيان الاحتلال منذ تأسيسه غارق في الدموية و التوحش  والاغتيالات  والاعتداءات  التي تحمل توقيع أجهزة الموساد الاستخباراتية في أكثر من عاصمة عربية و دولية .
لقد شهدت الساعات القليلة الماضية أكثر من عدوان اسرائيلي على أراض عربية من غزة المنكوبة الى الضفة المستباحة مرورا بالمدن السورية دمشق و حلب والسويداء  اضافة الى لبنان و صولا الى أرض اليمن و قطر التي يفترض أنها الحاضن الرسمي لمفاوضات انهاء الحرب ..طبعا دون أن ننسى محاولتي استهداف قافلة الصمود في المياه التونسية ..ولاشك أن في هذا الاستهداف ما يؤكد نوايا هذا الكيان ازاء أسطول الحرية وقد تكون في العمليتين مقدمة لما يمكن أن تتعرض له القافلة في عرض المتوسط وهو ما يستوجب الحذر و يجعل لزاما على دول العالم أن تستنفر لحماية الاسطول و منع جيش الاحتلال من التعرض له..
ندرك جيدا الحالة الهستيرية لناتنياهو كلما تعلق الامر بأي مبادرة انسانية مدنية  ضد ظلم و اسبداد الاحتلال الاسرائيلي والتحركات انتصارا للعدل والقانون الدولي , وندرك جيدا مخاطر سياسة المكيالين وعجز المنظمات الاممية عن الضلوع بمسؤولياتها في ردع هذا الكيان و من ها المنطلق تبقى مهمة أسطول الصمود  مهمة انسانية تاريخية في الضغط لانهاء الابادة و كسر الحصار …
طبعا لا يمكن لتتار العصر المارد الاسرائيلي أن يقبل بالتحولات المتسارعة في مختلف المجتمعات  الحية و النخب و المؤسسات الحقوقية و الاعلامية التي بدأت تستعيد وعيها و تعلن رفضها لجرائم الابادة و تطالب بمقاطعة ومعاقبة هذا الكيان , وقناعتنا أن هذا الكيان الارعن و زعيمه مجرم الحرب لن يتوانى عن  استهداف الاسطول في قادم الايام  اذا اقترب من تحقيق هدفه ..ولاشك أن ناتنياهوالذي اسقط من قاموسه كل الخطوط الحمراء  سيضع المجتمع الدولي مجددا أمام اختبار مصيري فاما أن ينتصر للقانون الدولي و الانساني أو يستعد لهيمنة قانون الغاب الذي لن يقف عند حد ..
 وهناك أسباب كثرة تعزز هذه القناعة عندما يتعلق الامر بالسجل الاجرامي لهذا الكيان , و لكن تبقى عملية استهداف سفينة مرمرة التركية  في 2010  الاكثر حضورا في الذاكرة عندما تعمد كومندوس اسرائيلي قتل  اثني عشر ناشطا تركيا على متن سفينة مرمرة لكسر الحصار على غزة ..اقدم جيش الاحتلال على ذلك رغم علاقاته المتينة مع تركيا العضو في الحلف الاطلسي ,و لم تتوقف بعد ذلك جرائم الاحتلال …
اليوم تتجه الانظار الى أسطول الصمود  على امل أن يتقدم باتجاه غزة … طبعا لسن بالسذاجة التي تجعلنا نعتقد أنها مهمة خالية من المخاطر أمام كيان لا يعترف بأي خطوط حمراء ..تتجه الانظار بكثير من الخوف و لكن بكثير من الامل أيضا أن تصل الرسالة الى كل العالم وأن تبلغ القافلة هدفها و تنتصر لاطفال غزة المجوعين وأهلها المنكوبين و تسجل بعض الاسطر الناصعة في سجل الانسانية العليلة بأن هناك في هذا العالم بقية من ضمير انساني ينبض بالارادة و الحياة ضد كل انواع الظلم والغدر والتوحش ..و عندما نستمع لتصريحات و مواقف رئيس الوزراء الاسباني سانشيز بأن بلاده لا تمتلك قنابل ذرية او حاملات طائرات او موارد نفطية ضخمة و لكنها ستواصل دعم غزة لوقف الابادة ندرك أن العالم يمكن أن يتغير ويمكن أن ينتبه الى أن الاحتلال الاسرائيلي بات في حالة انفلات ..
نعم في خضم ما يجري من توحش في العالم تبقى الشعوب ومعها المجتمع المدنية كلمة السر التي يمكن أن تكون سببا في انقاذ الانسانية و اعادة احياء الضمير الانساني العالمي ..
صحفية وكاتبة تونسية