علي مدي حوالي 4 سنوات دخلت العلاقات بين دول الساحل ” بوركينا فاسو – النيجر – مالي ” ، والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا ” إيكواس ” في نفق مظلم ، عقب التغييرات غير الدستورية التي شهدتها الدول الثلاث ” مالي 2021 – بوركينا فاسو 2022 – النيجر 2022 ” حيث فرضت ايكواس عقوبات سياسية واقتصادية علي الدول الثلاث ، ووصل الأمر بالتهديد بتدخل عسكري خاصة في النيجر لإعادة الرئيس المخلوع محمد بازوم للحكم من جديد.
ووصلت القطيعة بين ايكواس والدول الثلاث مرحلة جديدة في الساعات الأخيرة عقب أعلان قادة “تحالف دول الساحل”، بوركينا فاسو والنيجر ومالي، السبت إنشاء “كونفدرالية دول الساحل” لدولهم الثلاث والقطيعة التامة مع دول غرب أفريقيا (إكواس).
واتهمت دول الساحل ايكواس بأنها أداة تحركها باريس وبأنها لا توفر لها دعما كافيا في مكافحة الجهاديين ، ودعا رئيس المجلس العسكري الحاكم في النيجر عبد الرحمن تياني إلى جعل التحالف الجديد “بديلا من أي تجمع إقليمي مصطنع عبر بناء مجتمع سيادي للشعوب، مجتمع بعيد من هيمنة القوى الأجنبية”.
كما أكد رئيس المجلس العسكري الحاكم في النيجر عبد الرحمن تياني أمام نظيريه في بوركينا الكابتن إبراهيم تراوري وفي مالي العقيد عاصمي غويتا أن شعوب دولهم الثلاث “أدارت ظهرها نهائيا للجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا”.
وفي أول رد فعل من جانب إيكواس علي الاتحاد الكونفدرالي الجديد , أكدت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، أن منطقة غرب أفريقيا تواجه خطر التفكك وتفاقم انعدام الأمن ، وراجت تقارير إعلامية عن قيام المجموعة بتكليف الرئيس السنغالي باسيرو جمعة فاي بالوساطة لمحاولة إقناع الدول الثلاث بالعودة من جديد إلي ” ايكواس ” . فهل سينجح الرئيس السنغالي في وساطتة ، أم أن الدول الثلاث ستمضي في مخططاتها والتمسك بتحالفها الجديد ؟ .
أمر مفاجيء
ويؤكد الخبير في الشؤون الأفريقية الدكتور محمد تورشين أن قيام ايكواس بالاهتمام بالتعاطي مع تحالف دول الساحل الجديد خطوة كانت متوقعة ، واستطرد قائلا ” لكن الأمر المفاجئ اختيار الرئيس السنغالي باسيرو جمعة فاي للقيام بهذه الوساطة ” .
وأضاف تورشين في تصريحات خاصة ل ” أفرو نيوز 24 ” : في تقديري أن اختيار الرئيس السنغالي أو الموريتاني أو أي رئيس متعاطف بشكل أو بآخر مع الدول الثلاث ، يؤشر بأن الصراع داخل ” ايكواس ” كانت الغلبة فيه لصالح المجموعة الداعية للتعاطي والتعاون والتفاهم مع دول الساحل الثلاث .
وأشار الدكتور محمد تورشين الي أن ايكواس منقسمة لتيارين ، الأول يسعي لفرض عقوبات ومحاولة عزل الدول الثلاث ، فيما يدعو التيار الثاني للتعاون والتفاهم ، وذكر ” يبدو أن هذا التيار حقق انتصارا كبيرا وتم تفويض الرئيس السنغالي وهو رجل شعبوي وتبني خطابات شعبوية في حملتة الانتخابية الرئاسية ، وتحدث بشكل مباشر عن ضرورة إعادة النظر في الشراكات الاقتصادية مع كل القوي الغربية والاستعمارية علي رأسها فرنسا ، والأهم من ذلك تحدث بشكل جاد في مسألة ضرورة إعادة النظر في العملة الأفريقية الموحدة ” الفرنك الأفريقي ” ، وكلها أمور محل إجماع وتوافق مع قادة دول الساحل الثلاث .
واعتبر الخبير في الشؤون الأفريقية الدكتور محمد تورشين أن قيام ايكواس بتكليف الرئيس السنغالي بالوساطة تؤشر لأن ايكواس يمكن أن تعدل عن كل قراراتها التي اتخذتها في السابق والتي فرضت علي دول الساحل ، لافتا إلي أنه ربما يكون هناك تعاون بينهم في كثير من القضايا سواء الأمنية والاقتصادية وربما حتى الملفات السياسية .
أمر مستبعد في الوقت الراهن
وبالرغم من هذه التطورات استبعد الدكتور محمد تورشين عودة الدول الثلاث لايكواس بأي حال من الأحوال في الوقت الراهن .
وقال ” الطرفان لديهم الآن قضايا مبدئية لا يمكن التنازل عنها ” ، مشيرا في هذا الصدد إلى أنه حال عودة حكومات المجالس العسكرية الثلاث لايكواس معناها انها لا ترفض الوضع الموجود في المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا ، حيث سبق أن شنت هجوما علي ايكواس واعتبرت أنها أداة من أدوات الاستعمال الحديث .
وأعاد الدكتور محمد تورشين التأكيد علي أن عودة الدول الثلاث لايكواس لن يكون أمرا سهلا ، وسيكون هناك تعاونا في بعض القضايا فقط .
إثارة الرأي العام الداخلي
واعتبر الخبير في الشؤون الأفريقية الدكتور محمد تورشين أن تهديدات الأمين العام لايكواس بوقف التعاون الاقتصادي وفرض قيود علي تحركات مواطني الدول الثلاث علي جوانب الحدود مع دول مجموعة ايكواس الغرض منها إثارة الرأي العام الداخلي علي الأنظمة الحاكمة في الدول الثلاث .
وقال ” فعليا سيكون هناك خسائر اقتصادية علي الدول الثلاث ، لاسيما أنها دول حبيسة لا تمتلك اطلالات بحرية وتعتمد في حركة تجارتها علي موانئ دول ايكواس .
لا عودة
ويقول الكاتب والمحلل السياسي النيجري محمد سيدي ل ” أفرو نيوز 24 ” : اعتقد أن الأمور قد حسمت وأنه لا عودة للدول الثلاث لايكواس ، مشيرا في هذا الصدد أن خطابات زعماء دول تحالف الساحل الثلاث أكدوا فيها أنهم سيواصلون في تحالفهم الجديد الذي تحول إلي كونفدرالية تحالف دول الساحل.
وذكر الكاتب والمحلل السياسي النيجري أن قادة الدول الثلاث ماضون في تنفيذ مخططاتهم وسياساتهم وتحقيق الأهداف التي رسموها ، خاصة الأهداف الاقتصادية والأمنية وزيادة التبادل التجاري.
وقال ” محمد سيدي ” : الدول الثلاث ليست في حاجة إلي ايكواس لأنهم يعملون لتحقيق أهداف مرسومة علي رإسهم التعاون في مجال محاربة الإرهاب والتطرف حيث تم تشكيل قوة عسكرية مشتركة لمحاربة التنظيمات المتطرفة .
لن تنجح
وتوقع الكاتب والمحلل السياسي النيجري محمد سيدي عدم نجاح وساطة الرئيس السنغالي باسيرو جمعة فاي بين ايكواس والدول الثلاث ، مشيرا إلي أن جميع المؤشرات تشير الي أن هذه الوساطة سيكون مصيرها الرفض والفشل من جانب قادة الدول الثلاث.
وبشأن تصريحات أمين عام ايكواس بفرض عقوبات اقتصادية علي الدول الثلاث ، أكد محمد سيدي أن مثل هذه التصريحات والقرارات لن تخيف قادة الدول الثلاث ولن تخيف شعوبها .
وأشار إلي الشعبية الجارفة للقادة الثلاث في دولهم ، لافتا إلي أنه لدي وصول قادة بوركينا فاسو ومالي للعاصمة النيجرية نيامي وجدوا ترحيبا لا مثيل له واصطفت الجماهير من المطار حتي القصر الرئاسي.
وقال سيدي ” إن شعوب الدول الثلاث لا تثق في ايكواس ولن تبالي بأية قرارات قد تتخذها المجموعة.