ملاحظات مختصرة حول ما أصدره رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الانسان من تقييم لمحاكمة رئيس السابق محمد ولد عبد العزيز والمشمولين معه في ما بات يعرف بملف العشرية | موريويب

ملاحظات مختصرة حول ما أصدره رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الانسان من تقييم لمحاكمة رئيس السابق محمد ولد عبد العزيز والمشمولين معه في ما بات يعرف بملف العشرية

اثنين, 10/14/2024 - 23:41

في مقابلة له مع الصحافة أكد السيد رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الانسان ما مفاده أن محاكمة الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز وصحبه التي جرت مؤخرا لم تكن بالعادلة و دعما لرأيه أو تبريرا لموقفه ، قدم السيد الرئيس حججا ثلاثة :

أولا : ذكر السيد الرئيس أن استجواب المتهمين أمام قطب التحقيق لم يستغرق من الوقت سوى خمسة وأربعين دقيقة ولا نعرف من أي مصدر استمد السيد الرئيس هذا الرقم، و لا بخصوص أي متهم كان الاستجواب قصيرا إلى هذا الحد،  إلا أننا نذكر بان المتهم الرئيسي تمترس وراء دفع شكلي تمثل في تأويله هو ودفاعه للمادة 93 من الدستور وظل يكرر بان قاضي التحقيق ليس مختصا للنظر في هذه القضية وأن قاضيه الطبيعي هو محكمة العدل السامية، محتجا بان الوقائع المنسوبة إليه تدخل في صميم مأموريته كرئيس للجمهورية  لا يسأل عما يفعل إلا أمام المحكمة المذكورة لا أمام المحاكم الجنائية العادية.

وعليه لم يكن من المجدي إطالة استجوابه أمام قطب التحقيق بل ،على العكس من ذلك، أصبح حضوره أمام قطب  التحقيق ضربا من الفضول ويحمل في بعض الأحيان نوعا من الإهانة للمتهم الذي يقتاد من محبسه ليقول بعد كل سؤال بأنه لا يرد على الأسئلة المطروحة عليه وهذا ما يفسر الإيجاز الذي طبع استجواباته هو بالخصوص، أما المشمولون معه في الملف فكانت استجواباتهم تأخذ ساعات عدة حسب الموضوع الذي يسالون عنه.

ثانيا: رأى السيد الرئيس في مقابلته أن المحاكمة استغرقت وقتا طويلا اعتبره أكثر من اللازم ليصف المحاكمة بأنها غير عادلة، إلا انه نسي أن طول المحاكمة لا يعتبر بالضرورة معيارا للقول بأنها غير عادلة بل على العكس من ذلك يعتبر التسرع وعدم الأناة قبل صدور الحكم وقبل التحقق من الوقائع ومن نسبتها للمتهم ومن سلامة تكييفها  هو المعيار- حقا-  لوصف محاكمة بأنها لم تكن عادلة، ولن يفوتنا في هذا المقام أن نذكر القارئ الكريم  بحجم الملف الذي تضمن وقائع عدة جرت طيلة عقد من الزمن  في مجالات عدة وفي قطاعات هامة من قطاعات الدولة : المعادن، المجال العقاري في نواكشوط وانواذيبو، مراقبة الصرف، التصرف في أموال شركة اسنيم،  شركة الكهرباء، مؤسسة صيانة الطرق، مشاريع وهمية أو فعلية  هنا وعناك إلى غير ذلك.

وفضلا عما ذكرناه أعلاه من مسلمات  تفسر موضوعيا  إطالة أمد المحاكمة، لا بد من ذكر مساهمة دفاع المتهم الرئيسي المعتبرة في هذه الإطالة وذلك بتقديمه لدفوع بعدم الاختصاص أو بعدم دستورية بعض النصوص مما دعا إلى تعليق جلسات المحكمة و إحالة الموضوع المثار من طرف دفاع المتهم إلى المجلس الدستوري للبت فيه قبل مواصلة المرافعات  كما لجأ  نفس الدفاع ، مرات عدة،  لمغاضبة المحكمة ومقاطعة جلساتها ثم العودة إليها هذا مع تقديمه مرافعات طويلة  لا تمت  أحيانا، حسب المراقين القضائيين، بالوقائع المنشورة أمام المحكمة بل هي من صميم الخطاب السياسي الحزبي،  كما نقلت ذلك الصحافة الوطنية المستقلة و الأجنبية التي واكبت سير المحاكمة .

ثالثا:أضاف السيد رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان دليلا ثالثا دعما لرأيه حيث قال إن المحكمة رفضت الاستماع إلى شهود البراءة وقبلت على العكس من ذلك الاستماع إلى شهود الاتهام، فيتعين التذكير بان الشاهد يجب أن يكون الغرض من الاستماع إليه من طرف المحكمة هو إنارتها حول واقعة ما أو قول أو فعل عاينه أو سمع عنه من شانه أن يؤثر على مجريات القضية وهذا ما جعل جل التشريعات في العالم يعطي للقاضي الحق في تقدير مدى جدوى ما هو مرجو من الاستماع إلى شهود الأطراف دفاعا أو اتهاما أو طرفا مدنيا.

أما الشهود الذين دعا دفاع المتهم الرئيسي إلى الاستماع إليهم– دون مع ذلك أن يراعي كل الإجراءات المنصوص عليها لهذا الغرض حسب ما لاحظته المحكمة علنا - فكانوا في غالبهم إما اشخاص لهم موقف سياسي سلبي من المتهم الرئيسي تحدو دفاعه رغبة في احضارهم أمام الكافة في جلسات المحكمة ليعرضهم للاستجواب و محاولة الإذلال، وأما هم مصنفون بأنهم من أنصار المتهم الرئيسي و من مقربيه الذين لا صلة لهم بالوقائع إطلاقا و إنما يراد من مثولهم أمام المحاكم أن يتقدموا بثناء سياسي مفرط لصالح المتهم.

ومما لا شك فيه أن مهمة الشاهد ودوره تستوجب الدقة والحياد ومع ذلك تم الاستماع لشاهدين اثنين  علي الأقل من شهود النفي وهما السيدين سيدي ولد سالم و حيمود ولد رمظان اللذين استمعت لهم المحكمة وأدليا بشهادتهما التي لم تفد لخروجها عن الغرض من الشهادة القضائية.

هذا عما احتج به السيد رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الانسان، أما التساؤلات التي لم يتناولها بالرد وهي المعايير الأساسية الفنية التي من خلالها يمكن أن يعرف هل كانت المحاكمة عادلة أو غير عادلة فهي هل تم احترام مبدأ الفصل بين السلطة المكلفة بالاتهام و هيئة الحكم؟ هل الوقائع و الأفعال التي أسس عليها الاتهام والحكم منصوص عليها ومعاقبة بنصوص قانونية تم اعتمادها قبل ارتكاب الوقائع محل الاتهام؟ هل أبدى علنا قاض من قضاة التحقيق أو الحكم رأيه ضد المتهمين أو معهم؟هل تم منع دفاع المتهمين من الطعن بالاستئناف أو بالطعن في القرارات الصادرة عن محاكم التحقيق أو الحكم؟ هل تعرض أحد المتهمين للتعذيب؟ هل حرموا من حق زيارة أفراد أسرهم الخاصة؟ هل منعوا من الرعاية الطبية المناسبة؟ هل في المحصلة النهائية أدين متهم بناء على إقرار أو اعتراف تم الحصول عليه عن طريق التعذيب أو استخدام العنف أو نوع ما من أنواع  الإكراه؟

علي كل حال هذه هي معايير تقويم المحاكم وتصنيفها أهي كانت عادلة أم لا. 

مواطن