كثر الحديث في الأيام الأخيرة عن كون الولايات المتحدة سوف تقيم قاعدة عسكرية في موريتانيا عوضا عن فقدانها للقاعد الجوية التي كانت انشاتها في النيجر. وتم تداول الامر على نطاق واسع داخل البلاد عبر شبكات التواصل الاجتماعي وعبر المواقع الالكترونية الموريتانية. كما أن الساحة الإعلامية الدولية لم تخل منه. فقد تناولته- على سبيل المثال- إذاعة فرنسا الدولية (RFI) نقلا عن مصدر اعلامي نيجري وهو نفس المصدر الذي تغذى عليه الآخرون. والغريب أن (RFI) لم تكلف نفسها أقل قدر مطلوب من التأمل والبحث في صدقية الخبر. بينما هو مدعاة شك كبير.
فإقامة قواعد عسكرية إمريكية في بلادنا أمر مستبعد تماما نظرا لعوامل عدة نستحضر منها ثلاثة:
1. موريتانيا ليست بحاجة لقوات أجنبية على ارضها : قوات الدفاع والأمن الوطنية تؤدي مهامها بصورة مرضية؛ الشيء الذي لا يمنع البلد من إقامة تعاون عسكري وأمني، ثنائي أو متعدد الأطراف، مع فرقاء عديدين مثل: الولايات المتحدة، الصين، حلف شمال الأطلسي، روسيا، دول الجوار... إلخ.
2. الظروف الجيوسياسية الدولية لا تشجع على وجود عسكري أمريكي في بلادنا: صورة الولايات المتحدة في تدهور متسارع غير مسبوق، خاصة داخل العالم العربي والإسلامي، بسبب دعمها الفادح لإسرائيل ولحرب الإبادة التي تقوم بها هذه الأخيرة ضد الفلسطينيين منذ 07 أكتوبر الماضي.
3. الأولوية الجيوسياسية في الاستراتيجية الأمريكية ليست موريتانيا ولا جوارها في منطقة الساحل، بل تكمن مناحي أخرى: صراع واشنطن مع بيجين في المحيط الهادي، مع موسكو في أوروبا، مع طهران في الشرق الأوسط... إلخ.
ينضاف لهذه العوامل السابقة الذكر كون موريتانيا دخلت مرحلة انتخابات رئاسية جديدة تشكل الإشاعات والأخبار الكاذبة أحد الأسلحة والأدوات الدعائية التي يوظفها المتنافسون وعلى رأسهم منافسو مرشح الحكومة. والمستهدف في هذه الحالة هو فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني الذي تم الإعلان رسميا عن ترشحه لولاية ثانية.
ولن تكون هذه الإشاعة- التي تبدو لنا كاذبة وماكرة- آخر حيلة من طرف خصومه. بل من المتوقع أن يكثفوا من مناوراتهم الدعائية. ولن يبخلوا جهدا في استغلال الثغرات في الخطط الإعلامية لدى الطرف المواجه. حتى أن بعضهم لن يتردد في العمل بمقتضى المقولة: الغاية تبرر الوسيلة.
وفي المقابل، نعتقد أن فريق غزواني المشرف على الحملة لن يبقى مكتوف الأيدي. ولديه أدوات ومصادر مثمرة إعلاميا ودعائيا إن تم استغلالها وتوظيفها بجدارة.