الجميع يعلم أن المفتشية العامة للدولة قد تفاوضت على تسوية مع بعض الوزراء والأمناء العامين والمديرين العامين... الذين تم ضبطهم متلبسين بمخالفات إدارية وباختلاس الأموال العامة، من أجل تسديد جزء من الأموال المسروقة، مقابل عدم تقديمهم للعدالة. هذه الطريقة تسمح للدولة باسترداد جزء من الأموال المختلسة، ولو أن الموظف الحكومي لن يقوم بتسديد إلا جزء بسيط مما سرقه.
المفارقة أن غالبية هؤلاء الموظفين الذين تأكد أنهم سرقوا المال العام ما زالوا في مناصبهم، حتى أن منهم من تم استدعاؤه لتولي مسؤوليات أكبر، بدلا من فصلهم، وبالتالي سيستمرون في تكرار نفس السلوكيات، خاصة وأن هناك احتمالا قويا بأن مؤسسات الرقابة لن تقوم بتفتيشهم مرة أخرى، وسيكون من الصعب اكتشاف مخالفاتهم المحتملة، نظرا لتجربتهم السابقة.
باختصار، هؤلاء اللصوص مازالوا يتمتعون بجزء كبير من الأموال المختلسة، ويديرون مسؤوليات عامة ويسيرون ميزانيات كبيرة، وفي نفس الوقت يتجنبون الملاحقة القضائية ويستفيدون من برنامج عدم الكشف عن هويتهم، لأن تقارير المفتشية العامة للدولة لا تنشر، مما يساهم في عدم الكشف عن هوية المفسدين والفاسدين ولفت انتباه الرأي العام إلى جرائمهم. مثل هذا النهج يطمئن المفسدين أنهم سيفلتون من العقاب، لذلك ليس له تأثير رادع عليهم.
إن سياسة عدم التسامح المطلق تجاه المفسدين هي وحدها التي يمكن أن تساعدنا في التعامل بصفة فعالة مع الفساد المستشري الذي ابتليت به إدارتنا.