"الميثاق الجمهوري" يفجر الخلافات داخل الطبقة السياسية | موريويب

"الميثاق الجمهوري" يفجر الخلافات داخل الطبقة السياسية

سبت, 09/23/2023 - 11:07

موري ويب ــ وقع عليه ثلاثة أحزاب وطنية، اثنان منها معارضان و حزب الإنصاف الحاكم و وزارة الداخلية ممثلة للحكومة.

الميثاق الجمهوري، اتفاق سياسي، أعلن عنه في قصر المؤتمرات القديم بنواكشوط، يوم الخميس 21سبتمبر الجاري، بعد مفاوضات طويلة اتسمت في بعض محطاتها بالسرية ، لكنه لم يكد يرى النور حتى أثار عاصفة من الجدل داخل الساحة السياسية.

فقد رفضت أحزاب المعارضة غير الموقعة الإتفاق، كما أعلنت سبعة احزاب من الموالاة رفضها أيضا له، وسط تساؤلات عن ما أحدثه من انقسام بسبب تجاهلهم و الإلتفاف على إرادة الموريتانيين بتوافق أو "تحالف" حسب بعضهم بين حزبي التكتل و اتحاد قوى التقدم مع النظام الحاكم.

نص الميثاق الجمهوري

تمهيد

لقد اتسم المشهد السياسي الوطني بجو من الإنفتاح والتهدئة نتيجة تلاقي الإرادات بين فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني والمعارضة، منذ الإنتخابات الرئاسية الأخيرة سنة 2019 ، بيد أن انتخابات 13 مايو 2023 أثرت على هذا الجو، حيث اتسمت جوانبها المتعلقة بالعمليات الإنتخابية بوجود اختالالات ونواقص، ندد بها جزء كبير من الطبقة السياسية؛ ومن المؤكد أن الساحة السياسية كانت، وما تزال، في أمس الحاجة إلى ذلك الجو، حيث شّكلت تلك المقاربة قطيعة جلية مع نمط الحكم الذي كانت تتبعه السلطة السابقة في أسلوب تعاطيها مع المعارضة.

أساس الإتفاق

لقد تعاطت المعارضة الديمقراطية المستنيرة والمسؤولة بشكل إيجابي على مدى أربع سنوات مع هذه المقاربة الجديدة التي تحبذ الحوار الصريح والبناء بين مختلف الفاعلين السياسيين، كما استجابت لليد الممدودة من طرف فخامة رئيس الجمهورية، خاصة وأنه قد أعلن، في عدة خطابات،

عن تشبثه بالقيم ذاتها وتبنيه لمشاريع الإصلاح التي دافعت عنها بقوة، وبلا كلل ولا ملل، هذه المعارضة على مر السنين، كما تبنت الأغلبية هذه المقاربة و ساهمت بشكل فعال في إرساء الحوار داخل الطبقة السياسية.

إن هذه القيم والمشاريع تهدف، على وجه الخصوص، إلى تقوية اللحمة الإجتماعية، والحفاظ على الوحدة الوطنية

، وذلك من خلال العمل على القضاء على ما تبّقى من ممارسات الرق لفاته وتسوية ملفات حقوق الإنسان وكافة المظالم العالقة، والإصلاح الضروري لمؤسسات الدولة مع

الإستجابة للحاجة الماسة إلى إرساء الحكم الرشيد، إضافة إلى تحسين الظروف المعيشة للمواطنين،

وذلك بتمكينهم من خدمات عامة ناجعة،خاصة فيما يتعلّق بالأمن والتوظيف والصحة والتعليم.

إن هذه القيم ومشاريع الإصلاح تتعلق أيضا بالضرورة القصوى لتشجيع التشاور بين الشركاء السياسيين حول كافة القضايا الوطنية الجوهرية.

ثم إن تجسيد هذه الرؤية بات مطلبا ملحًّا لكل القوى الوطنية التي تصبو إلى حكامة رشيدة و محاربة جادة للفساد وتكريس للحريات.

و قد أدى التقارب في وجهات النظر بين السلطة والمعارضة حول لُب هذه الموضوعات إلى إبرام اتفاق بين الحكومة والأحزاب السياسية بتاريخ 26 سبتمبر 2022 ، بغية تنظيم انتخابات شفافة ونزيهة، والتي هي وحدها الكفيلة بمنح المنتخبين ثقة المواطنين بوصفها شرطا لا غنى عنه لمشروعية تمثيلهم.

وانطلاقا مما يتقاسمه الطرفان من انشغال بمستقبل موريتانيا، جاء الإتفاق المذكور في سياق وطني حساس يتطلب ن كافة القوى الوطنية المسؤولة التصدي للتصرفات الهادفة إلى جر البلاد إلى عدم الإستقرار، بل و حتى إلى الفوضى.

ولئن كان لذلك الإتفاق ما له من أبعاد ايجابية، فقد كشف لاحقا تطبيق بنوده المتعلقة بالعمليات الإنتخابية عن اختالالت ونواقص ندد بها جزء كبير من الطبقة السياسية، مطالبا بإصلاح النظام الإنتخابي.

ولا شك أن ما حصل من خلاف بين القوى السياسية بعد انتخابات 13 مايو 2023يأتي في الوقت الذي يتعرض فيه العالم لتداعيات التغيرات المناخية، والذي تحشد فيه شبكات الإرهاب قواها وينتشر تهريب المخدرات، وتنمو وتتنوع مختلف الجرائم العابرة للحدود في محيطنا الجغرافي،

و يضاف إلى مصادر القلق الشديد هذه حالة عدم الإستقرار وانعدام الأمن السائد في المنطقة، حيث تنتشر الإضطرابات والأزمات المفتوحة، على الصعيدين السياسي والإجتماعي، وذلك في سياق أزمة دولية حادة تتميز، على الخصوص، بظهور بوادر شبه حرب عالمية.

خارطة الطريق

إننا نحن الأطراف الموقعة، العاقدون العزم على مواجهة هذه التحديات والمخاطر المتعددة:

1ــ نؤكد مجددا تمسكنا الراسخ بالمحافظة على استقرار وأمن البلد، وذلك من خلال إرساء نظام قوامه العدالة الإجتماعية و سيادة القانون و التشبث بالمثل الديمقراطية، و إرساء تنمية مستديمة.

2ــ نعتبر أن الأغلبية والمعارضة هما الفاعلان الرئيسيان في كل نظام ديمقراطي، وأنهما يتحملان، كل فيما يخصه، المسؤولية السياسية والأخلاقية عن ما يمكن أن يتعرض له البلد بسبب انعدام الرؤية وغياب البصيرة لدى فرقاء العملية السياسية؛

3ــ نقرر التغلب في هذا الظرف الدقيق على خلافاتنا، خدمة للمصالح العليا للبلد، وتجنبا للمخاطر التي قد يتعرض لهاجراء الإنقسامات العقيمة و الهدامة بين مكونات الطبقة السياسية؛

4ــ نعتزم القيام، على وجه الإستعجال، بدراسة معمقة لمنظومتنا الإنتخابية، وإذا اقتضى الحال الشرو َع

في الإصالحات المناسبة بما يعزز نظامنا الديمقراطي، بغية تجاوز الوضع المترتب عن الإنتخابات الأخيرة وضمان تفادي أي خلاف انتخابي في المستقبل؛

5ــ نعرب عن إرادتنا المشتركة في إجراء الإصلاحات السياسية الضرورية لصون الوحدة الوطنية وتعزيزها، وترسيخ قيم الديمقراطية ودولة القانون، وتتعلق هذه الإصلاحات بتحقيق العدالة الإجتماعية والحكم الرشيد، والعمل على تحسين الظروف المعيشية لمواطنينا الذين يعانون جراء الأزمة، فضلا عن مخلفات الأوضاع الناجمة عن عشرية النظام السابق؛ وسيتم إجراء هذه الإصلاحات في إطار وطني شامل يطبعه التشاور، على شكل ورشات، اعتمادا على قائمة الموضوعات المدرجة في ملحق الإتفاق الذي يشكل جزءا لا يتجزء منه؛

6ــ نعلن عن إبرام هذا الإتفاق لإرساء تفاهم سياسي، وطني، جمهوري وديمقراطي،

يدعى "الميثاق الجمهوري"، مفتوح أمام جميع الأحزاب السياسية الراغبة في الإنضمام إليه من أجل تنفيذ الإصلاحات المذكورة آنفا؛

7ــ سنعمل في إطار "الميثاق الجمهوري" وعلى مختلف األصعدة وبكافة الوسائل من أجل المضي قدمًا ببلادنا إلى المزيد من الوئام والوحدة والتماسك الإجتماعي، بغية تكريس الديمقراطية وتحقيق التنمية والإزدهار؛

8ــ نتفق على تشكيل لجنة للتوجيه والمتابعة تتألف من ممثلين عن الأطراف الموقعة، للسهر على تنفيذ هذا الإتفاق في أجل لا يتجاوز شهرين من تاريخ توقيعه.

حرر في نواكشوط، يوم الخميس5 ربيع الأول 1445هجرية الموافق 21سبتمبر2023

في (5) نسخ أصلية.

الموقعون:

اتحادقوى التقدم

الرئيس

محمد ولد مولود

تكتل القوى الديمقراطية

الرئيس

أحمد ولد داداه

الإنصاف

الرئيس

محمد ماء العينين ولد أييه

عن الحكومة

وزير الداخلية والالمركزية

محمد أحمد ولد محمد األمين

ملحق الميثاق الجمهوري

تتمحور الإصالحات المذكورة في نص الميثاق الجمهوري، بشكل خاص، حول الموضوعات التالية :

1ــ القيام، على وجه االإستعجال، بدراسة معمقة لمنظومتنا الإنتخابية، وإذا اقتضى الحال الشروع في الإصلاحات المناسبة بما يعزز نظامنا الديمقراطي، بغية تجاوز الوضع المترتب عن الإنتخابات الأخيرة، وتفعيل المقتضيات القانونية في مجال الإنتخابات، وضمان تفادي أي خلاف انتخابي في

المستقبل؛

2ــ استحداث آلية ذات مصداقية لحل ملفات حقوق الإنسان والمظالم العالقة، والعمل على تسويتها بصفة نهائية، مع الأخذ بعين الإعتبار لما بذل من جهود ولما اتخذ من إجراءات سابقا في هذا الصدد؛

3ــ وضع تدابير ملموسة تهدف إلى ترجمة التنوع الثقافي للبلد وإبرازه في الفضاء العام، لا سيما على مستوى

وسائل الإعلام والبرامج التعليمية واألأنشطة الرسمية، وتفعيل المقتضيات الدستورية المتعلقة باللغة

العربية، مع االإعتراف بقابلية اللغات البولارية والسونينكية والولفية للولوج إلى مرتبة لغات رسمية؛

4ــ السهر على تفعيل وتطبيق المنظومة القانونية التي تُجرم الممارسات الإسترقاقية والعنصرية وغير المنصفة في حق الفئات المغبونة، و كذا الخطابات المحرضة على العنف والغُلو والتطرف، والعنصرية و الكراهية، وإنشاء آلية وطنية للتكفل بضحايا الممارسات المذكورة أعلاه وإعادة دمجهم في المجتمع، بما في ذلك اعتماد وتنفيذ سياسات وطنية ناجعة من شأنها تقليص الفوارق الإجتماعية، مما يفضي إلى تمييز إيجابي لصالح هذه الفئات؛

5ــ تطبيق مبدء المساواة وتكافؤ الفرص بين عموم أفراد الشعب، في كافة المجالات وعلى جميع الصعد، وتكريس المساواة بين الفاعلين الإقتصاديين أمام المرافق الإدارية؛

6ــ محاربة ارتفاع الأسعار من خلال اتخاذ التدابير المناسبة، التي من شأنها أن تحمي، بشكل مستديم، القدرة الشرائية للمواطنين؛

7ــ وضع آلية فعالة للتعبئة الوطنية من أجل بلورة ودعم إصلاح عقاري يهدف إلى النهوض بالزراعةوتعزيز السياسات الرامية إلى تحقيق الإكتفاء الذاتي في المجال الغذائي، بوصفه قضية سيادة وأمن قومي؛

8ــ ترقية اللامركزية والحكم الرشيد في مجالات تسيير الشأن العام، والإدارة والمالية العامة، من خلال تعزيز الآليات الوطنية لمكافحة الرشوة وتطبيق ترتيباتها بفعالية؛

9ــ الحرص على تطبيق مخرجات المشاورات الوطنية حول إصلاح التعليم، وتكاتف جهود القوى الوطنية من أجل ضمان نجاح المدرسة الجمهورية؛

10ــ السهر على تطبيق مخرجات المشاورات الوطنية حول إصلاح العدالة؛

11ــ التقيد بالفصل الصارم بين الوظائف السياسية والوظائف الفنية، والمضي قدما بالنأي

بالإدارة العمومية عن المعترك السياسي والتنافس خلال الإستحقاقات الإنتخابية؛

12ــ العمل على النهوض بالأحزاب السياسية لتمكينها من الإضطلاع بمهامها الدستورية، ومراجعة وتطبيق النصوص القانونية والتنظيمية التي تحكمها؛

13ــ العمل على النهوض بالقطاع الخاص والمجموعات المحلية والمجتمع المدني والصحافة والنقابات و لتمكينهم من لعب أدوارهم كفاعلين رئيسيين في تنمية البلد؛

14ــ العمل على إقامة حوار اجتماعي مستديم بين الشركاء الإجتماعيين، والسهر على حماية حقوق العمال؛

15ــ وضع استراتيجية وطنية متكاملة لحماية الأطفال والشباب من تعاطي المخدرات ومن الإنحراف والعنف، والعمل على معالجة البطالة والتصّدي لظاهرة هجرة الشباب؛

16ــ السهر على توفير المزيد من التمكين لصالح النساء والشباب وذوي الإحتياجات الخاصة، والعمل على دمجهم في الحياة السياسية والإقتصادية والثقافية والإجتماعية للبلد، بما في ذلك وضع وتنفيذ سياسات ناجعة في مجال التكوين المهني المؤهل.

17ــ إنشاء صندوق سيادي ُيمول من إيرادات المحروقات، و يخدم التنمية الإقتصادية المستديمة والمتوازنة للبلد، ويحافظ على مصالح الأجيال القادمة؛

18ــ العمل على رصد واستنهاض الخبرات والكفاءات والإستثمارات لدى جالياتنا في الخارج لصالح الوطن.