"هَدّية الحلْمه أَعلَ اشْراطَه" | موريويب

"هَدّية الحلْمه أَعلَ اشْراطَه"

خميس, 10/27/2022 - 16:33

بينما كنا نظن أن الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، غادر إلى فرنسا من أجل العلاج، ها نحن نكتشفه يكثف من خرجاته الإعلامية في محاولة لرد الإعتبار إلى شخصه بعد الإتهامات الخطيرة التي تلاحقه.

و في هذه الخرجات الست أو السبع ، هناك فكرة مهيمنة، و هي المطالبة بمحاكمته في أقرب الآجال؛ و في كل هذه المناسبات أيضا فإنه يردد مقولته المفضلة " لم أخذ أوقية واحدة من الخزينة العامة و لا من البنك المركزي."

"أنا غني و لكن ليست لدي أوقية واحدة من المال العام الموريتاني."

لم يسبق لأي كان أن يختلس بشكل مباشر من الصندوق؛

لم يأخذ دوسانتوس و لا بن علي و لا ساسونكيسو و لا انغويما و لا موبوتو و لا جامى و لا آباشا و لا بونغو و لا مبارك و لا البشير فلسا واحدا من الخزينة العامة.

صديقه المرخي الذي جاء لإدارة صوملك فقيرا، و هو الآن يُعد من ضمن أثرياء البلد، لم يأخذ فلسا واحدا من صندوق صوملك أو من أي من حساباتها المصرفية.

استخدام النفوذ ، الإستفادة من العمولات، إساءة استخدام أصول، غسيل الأموال والكسب غير المشروع، كلها أمور مدانة و مستهجنة تماما كالإختلاس  الكلاسيكي.

 بحسب البيان الصحفي الصادر عن وكيل الجمهورية ، فإن الرئيس السابق والمتورطين معه، متهمون بارتكاب أعمال فساد وغسيل أموال وإثراء غير مشروع وتبديد للممتلكات العامة ومنح مزايا غير مستحقة وعرقلة سير العدالة.

بدون الخوض في تفاصيل ملف التحقيق القضائي، فإن هناك معلومات متداولة و شبه مؤكدة تدعم هذه الإتهامات بمعلومات شبه مثبتة و منتشرة.

بخصوص تهمة الفساد ، يبدو أن التحقيق أظهر أن هناك مئات القطع الأرضية تعود ملكيتها إلى الرئيس السابق أو إلى محيطه الأسري الضيق، و تبلغ قيمتها عدة مليارات دون أن يمكن إبراز أدنى وثيقة بيع مع المالك الأصلي الذي كـ بالصدفة رجل أعمال حصل آنذاك على صفقة عمومية ضخمة دون أدني منافسة.

يجب أن يكون لدى الرئيس السابق تفسير مقنع لهذه الوضعية.

بالنسبة لغسيل الأموال،  تسرب عن التحقيق أن ما لا يقل عن أكثر من 20 مليار أوقية مرت عبر حساب المؤسسة الخيرية الأسرية دون أن نعرف مصدرها أو وجهتها؛

إضافة إلى ذلك فإن شهادة فرد مدعمة بتصريحات عناصر من الحرس الرئاسي، تؤكد أن الرئيس السابق منحه مبلغا ماليا كبيرا بغية اقتناء الذهب في منطقة الشامي، و تصديره إلى دبي بمرافقة أمنية للحرس الرئاسي.

سيتعين على الرئيس السابق تبرير هذه الأفعال.

بخصوص الإثراء غير المشروع أظهر التحقيق أن العديد من الأصول و الممتلكات الموجودة حاليا، لم تكن مدرجة في تصريحه بالممتلكات الأخير، عند نهاية مأموريته الثانية.

علاوة على ذلك جاء رجال أعمال من تلقاء أنفسهم لتسليم المحققين عدة ملايين أورو، كان ولد عبد العزيز قد أودعها لديهم و لم تكن مشمولة في إقراره الرسمي بالممتلكات.

سيتعين على الرئيس السابق، تبرير مصدر هذه الثروة الهائلة التي لم يعد ينكرها.

لا جدوى من الإدعاء بأنها تعود إلى أبنائه أو زوجته لأنه بموجب القانون لا فرق بينهم.

من الواضح أن التفسيرات بعيدة المنال : إكراميات أو هدايا من القادة الأجانب، بقايا ميزانيات الحملات الإنتخابية، لن تصمد طويلا، و في كل الأحوال يمكن أن تؤدي إلى اتهامات جديدة أكثر خطورة، مثل الخيانة العظمى أو التخابر مع قوى أجنبية.

بما يخص تبديد أو اختلاس المال العام، تم الكشف عن صفقة قيمتها 1،4 مليار أوقية ممولة من طرف خيرية اسنيم و استفاد منها الرئيس السابق في منتجعه الخصوصي الواقع عند الكيلومتر68 ، شمال نواكشوط، من خلال تشييد حوض للسباحة و برج خزان مياه، و أحواض شرب الإبل و ما إلى ذلك من منشآت ترفيهية.

لقد دخل الرئيس الجنوب إفريقي، زوما السجن لأقل من ذلك بكثير.

بخصوص استغلال النفوذ، من خلال تعيين صهره في الإدارة التجارية لشركة SNIM في باريس مع سيطرة على بيع الحديد الموريتاني الخام ، و أرملة ابنه في الإدارة العامة المساعدة لـ SNDE ، وشقيق عرافته. (كزانه) سفيرا فوق العادة وكامل السلطة، فهو لا يُظهر العدل و الإنصاف المثاليين. و عندما يربح أحد أبنائه صفقة عمومًية بالرغم من أن عرض شركائه يفوق ب 30 مليون دولار، سعر العرض الذي كان ينبغي أن تمنح له الصفقة أو عندما يستفيد أقاربه من التعريفات الجمركية التفضيلية والمفيدة لاستيراد السجائر أو آلات البناء أو المركبات ، أو عندما تُمنح لهم عقارات ضخمة في نواكشوط أو نواذيبو أو عندما تعمل سفنهم ومصانعهم على هامش القانون و دون أدنى مراقبة، أو عند وجود عقود أو اتفاقيات مثيرة للجدل مثل Polyhondong و Arise وبيع منجم Fdérik و قصر مؤتمرات المرابطون وخط الزويرات للجهد العالي، و خط انواذيبو للجهد العالي والسدود و تأهيل الأراضي الزراعية والطرق، بالطبع هذه القائمة ليست شاملة لسوء الإدارة الذي اتسمت به العشرية.

اليوم ، يمكن للرئيس السابق أن يقدم نفسه على أنه "كبش فداء" أو ضحية تصفية حسابات سياسية أو يهدد بإفشاء كل ما كان يدور تحت جناح الظلام الدامس، لكن الحقئقة عنيدة؛ وعليه أن يبرر للموريتانيين قبل كل شيء مصدر هذه الثروة التي يتبجح بها الآن. وليس هناك ما هو أكثر سخافة من الحجة التي ساقها حول سبب عدم معاملة الجميع بنفس المقاييس! متناسيا أن الجميع لم يكن رئيسًا للجمهورية لأكثر من عقد!

إذن اليوم، إذا كان هناك أحد ليست له مصلحة في إجراء محاكمة في أقرب الآجال ، فهو ولد عبد العزيز نفسه ، وهو يعرف ذلك جيدًا. و إذا كانت هناك مماطلات تهدف إلى تأخير المحاكمة، فيجب البحث عنها في جانب الطرف الذي قدم أكثر من 40 استئنافًا.

في جولاته الأخيرة ، ولا سيما المقابلة مع فرانس 24 ، نشعر بتحول طفيف في مواقف ولد عبد العزيز، فهو الآن يستخدم عبارات توحي أن خليفته ليس مسؤولا عن ما يحدث له بل يلقي بالمسؤولية على الأشخاص الذين حاربهم خلال فترة حكمه و لكن لم تكن لديه الشجاعة لتسميتهم.

ومحاكمة ولد عبد العزيز ، إذا حدثت ، ستكون محاكمة كل القادة الأفارقة الذين يستولون على السلطة ويجعلونها وسيلة لإثراء أنفسهم ومن حولهم. ستكون محاكمة للمحسوبية و الممارسات المافوية التي تقام كنموذج للحكامة.

م.ص.س